Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 39-41)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { قُلْ يا قوم اعملوا على مكانَتِكُمْ } أي : على حالتكم التي أنتم عليها ، وجهتكم من العداوة التي تمكنتم فيها ، فالمكانة بمعنى المكان ، فاستعيرت من العين للمعنى ، وهي الحال ، كما تستعار " هنا " . و " حيث " للزمان ، وإنما وضعا للمكان . وقرأ أبو بكر وحمَّادِ : " مكانات " بالجمع . { إِني عامل } على مكانتي ، فحذف للاختصار ، والمبالغةِ في الوعيد ، والإشعار بأن حاله لا تزال تزداد قوة بنصر الله تعالى له ، وتأييده ، ولذلك توعّدهم بقوله : { فسوف تعلمون مَن يأتيه عذاب يُخْزِيه } فإنَّ خزي أعدائه دليل غلبته صلى الله عليه وسلم ونصره في الدنيا والآخرة . وقد أخزاهم وعذّبهم يوم بدر ، { و } سوف تعلمون أيضاً مَن { يَحِلُّ عليه عذابٌ مقيمٌ } في الآخرة لأنه مقيم على الدوام . ثم ذكر الفاصل بين أهل العذاب المقيم ، والنعيم الدائم ، فقال : { إِنا أنزلنا عليك الكتابَ للناسِ } أي : لأجلهم ، فمَن أعرض عنه فقد استحقَّ العذاب الأليم ، ومَن تمسّك به استوجب النعيم المقيم ، حال كونه ملتبساً { بالحق } ناطقاً به ، أو : أنزلناه مُحِقين في إنزاله . { فمَن اهتدى فلنفسه } ، إنما ينفع به نفسه { ومَن ضلَّ } : بأن أعرض عنه ، أو عن العمل به . { فإِنما يَضِلُّ عليها } لأن وبال إضلاله مقصور عليها . { وما أنت عليهم بوكيلٍ } حتى تجبرهم على الهدى ، وما وظيفتك إلا التبليغ ، وقد بلغت أيّ بلاغ . الإشارة : مَن ذَكَّر قوماً فأعرضوا عنه ، ولم يرفعوا له رأساً ، يقول لهم : يا قوم اعملوا على مكانتكم … الخ ، وأيّ عذاب أشد من الحجاب ، والبُعد عن حضرة الحبيب ؟ ثم ذكر دلائل العبث الذي يحلُّ فيه العذاب على أهل الإعراض ، فقال : { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مَوْتِـهَا } .