Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 13-14)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : توحيد الضمير في { نُدخله } مراعاة للفظ { من } . وجمع الحال في { خالدين } مراعاة للمعنى . و { خالدين } و { خالدًا } : حال مقدرة من ضمير { نُدخله } ، كقولك ، كقولك : مررت برجل معه صقر صائدًا به غدًا ، وليسا صفتين لجنات ونارًا ، وإلا لوجب إبراز الضمير لأنهما جرتا على غير مَنْ هُمَا له . يقول الحقّ جلّ جلاله : { تلك } الأحكام التي شرعناها لكم في أمر الوصايا والمواريث ، هي { حدود الله } حدَّها لكم لتقفوا معها ولا تتعدوها { ومن يطع الله } فيما أمر به وحدّه { ورسوله } فيما شرَّعه وسنَّه { ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز } أي : الفلاح { العظيم } ، { ومن يعص الله } فيما أمر ونهى ، { ورسوله } فيما شرعه ، { ويتعدّ حدوده } التي حدها ، فتجاوز إلى متابعة هواه ، { ندخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين } . وهذا إذا أنكر مشروعيتها فيكون كافرًا ، وإلاَّ كان عاصيًا في حكم المشيئة ، ومذهب أهل السنة أنه لا يخلد ، وحملوا الآية على الكافر ، أو عبارة عن طول المدة ، كما في قاتل النفس . والله أعلم . الإشارة : قد حدَّ الحق جل جلاله لأهل الشريعة الظاهرة حدودًا قام ببيانها العلماء ، وحدَّ لأهل الحقيقة وهي سر الولاية حدودًا ، قام بها الأولياء ، فمن قام بحدود الشريعة الظاهرة كان من المؤمنين الصالحين ، ومن تعداها كان من العاصين الظالمين ، ومن قام بحدود الحقيقة الباطنية ، وصحب أهلها كان المحسنين العارفين المقربين ، ودخل جنة المعارف ، ومن تعدَّ حدود الحقيقة ، أو لم يصحب أهلها كان من عوام أهل اليمين ، وله عذاب الحجاب في غم الحساب ، وقال في الحاشية : في حد حدوده إشارة للعبودية ، في إخراج كل عن نظره واختياره ، ثم انقياده وذلته لحكم ربه ، والوقوف عند حدوده . وقال الورتجبي : قيل : { تلك حدود الله } أي : الإظهار من الأحوال للمريدين على حسب طاقتهم لها ، فإن التعدي فيها يهلكهم ، وقال أبو عثمان : ما هلك امرؤ لزم حده ولم يتعد طوره . هـ . وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق .