Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 26-28)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { وقال الذين كفروا } من رؤساء المشركين لأتباعهم ، أو : بعضهم لبعض : { لا تسمعوا لهذا القرآنِ } إذا قُرىء ، أي : لا تنصتوا له لأنه يقلب القلوب ، ويسبي العقول ، وكل مَن استمع إليه صبا إليه ، { والْغَوْا فيه لعلكم تَغْلِبون } أي : عارضوه بكلام غير مفهوم ، أو : بالخرافات من الرّجَز والشعر والتصدية ، وارفعوا أصواتكم بها { لعلكم تغلبون } أي : تغلبونه على قراءته ، وشوِّشوا عليه فيقع في الغلط ، أو : لا يسمعه منه أحد . واللغو : الساقط من الكلام الذي لا طائلَ تحته . { فلنذيقنَّ الذين كفروا } أي فوالله لنذيقن هؤلاء اللاغين والقائلين ، أو : جميع الكفار ، وهم داخلون فيهم دخولاً أولياً . { عذاباً شديداً } لا يُقادر قدره ، { ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون } أي : أعظم عقوبة على أسوأ أعمالهم ، وهو الكفر ، وقيل : إنه لا يجازيهم بمحاسن أعمالهم ، كإغاثة الملهوفين ، وصلة الأرحام ، وقِرى الضيف لأنها محبطة بالكفر ، وإنما يجازيهم على أسوئها . عن ابن عباس : { عذاباً شديداً } : يوم بدر ، و { أسوأ الذي كانوا يعملون } : ما يُجزون في الآخرة . { ذلك جزاءُ أعداء الله النارُ } أي : ذلك الأسوأ من الجزاء هو جزاء أعداء الله ، وهو النار . فالنار : خبر عن مضمر ، أو : عطف بيان للجزاء ، والنار : مبتدأ . و { لهم فيها دارُ الخلد } : خبر ، أي : النار في نفسها دار الخلد ، كما تقول : لك في هذه الدار السرور ، وأنت تعني الدار بعينها ، ويسمى في علم البلاغة : التجريد ، وهو أن ينتزع من ذي صفة أمراً آخر مثله ، مبالغةً ، لكمالٍ فيه . تقول : لقيت من زيد أسداً . وقيل : هي على معناها ، والمراد : أن لهم في النار المشتملة على الدركات دار مخصوصة ، هم فيها خالدون ، { جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون } أي : جُوزوا بذلك جزاء بسبب ما كانوا يجحدون بآياتنا ويلغون فيها . الإشارة : الآية تنسحب على مَن يرفع صوته بمحضر مجلس الوعظ والذكر ، أو العلم النافع ، أو صفوف الصلاة ، فهذه المجالس يجب صونها من اللغو والصخب ، ويجب الاستماع لها ، والإنصات ، والتوقير ، والتعظيم ، لأنها موروثة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهَمْ لِلتَّقْوَى } [ الحجرات : 3 ] ، ومَن فعل شيئاً من ذلك فالوعيد بقوله تعالى : { فلنذيقن الذين كفروا … } الآية منه بالمرصاد . والله تعالى أعلم . ثم ذكر مقالتهم بعد دخول النار ، فقال : { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيْنِ أَضَلاَّنَا } .