Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 1-8)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله : { والطورِ } هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى بمَدين ، { وكتابٍ مسطور } وهو القرآن العظيم ، ونكّر لأنه كتاب مخصوص من بين سائر الكتب ، أو : اللوح المحفوظ ، أو : التوراة ، كتبه الله لموسى ، وهو يسمع صرير القلم ، { في رَقٍّ منشور } الرَق : الجلد الذي يُكتب فيه ، والمراد : الصحيفة ، وتنكيره للتخفيم والإشعار بأنها ليست مما يتعارفه الناس ، والمنشور : المفتوح لا ختم عليه ، أو : الظاهر للناس ، { والبيت المعمور } وهو بيت في السماء السابعة ، حِيَال الكعبة ، ويقال له : الضُراح ، وعُمرانه بكثرة زواره من الملائكة ، رُوي : أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، يطوفون به ، ويخرجون ، ومَن دخله لا يعود إليه أبداً ، وخازنه ملَك يُقال له : " رَزين " . وقيل الكعبة ، وعمارته بالحجاج والعُمَّار والمجاورين . { والسقفِ المرفوع } أي : السماء ، أو : العرش ، { والبحر المسجُورٍ } أي : المملوء ، وهو البحر المحيط ، أو الموقد ، من قوله تعالى : { وَإِذَا الْبِحَارُ سًجِّرَت } [ التكوير : 6 ] والمراد الجنس ، رُوي " أن الله تعالى يجعل البحار يوم القيامة ناراً ، تسجر بها نار جهنم ، كما يسجر التنوير بالحطب " وعن ابن عباس : المسجور : المحبوس ، أي : المُلْجَم بالقدرة . والواو الأولى للقسم ، والتوالي للعطف ، والمقسم عليه : { إِنَّ عذاب ربك لواقعٌ } لنازل حتماً ، { ما له من دافع } أي : لا يمنعه مانع ، والجملة : صفة لواقع ، أي : وقع غير مدفوع . و " من " مزيدة للتأكيد ، وتخصيص هذه الأمور بالإقسام بها لأنها أمور عظام ، تُنبئ عن عِظم قدرة الله تعالى ، وكمال علمه ، وحكمته الدالة على إحاطته تعالى بتفاصيل أعمال العباد ، وضطبها ، الشاهدة بصدق أخباره ، التي من جملتها : الجملة المُقسَم عليها . الإشارة : أقسم الله تعالى بجبل العقل ، الذي أرسى به النفس أن تميل إلى ما فيه هلاكها ، وبما كتب في قلوب أوليائه من اليقين ، والعلوم ، والأسرار ، قال تعالى : { أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإِيمانُ } [ المجادلة : 22 ] وذلك حين رقَّت وَصَفَت من الإغيار ، ثم أقسم أيضاً بذلك القلب ، وهو البيت المعمور لأن القلب بيت الرب ، " يا داوود طَهرّ بيتاً أَسْكُنه … " الحديث ، وهو معمور بالمعارف والأنوار ، وأقسم بسماء الأرواح المرفوعة عن خوض عالم الأشباح ، وهو سقف بيت القلب ، وبحر الأحدية الذي عمر كلَّ شيء ، وأحاط بكل شيء ، وأفنى كلَّ شيء ، فالوجود كله بحر متصل ، أوله وآخره ، وظاهره وباطنه . إنَّ عذاب ربك لأهل العذاب ، وهم أهل الحجاب ، لواقع ، وأعظم العذاب : غم الحجاب وسوء الحساب ، ومن دعاء السري السقطي : اللهم مهما عذبتني فلا تعذبني بذل الحجاب . اهـ . ماله من دافع لا يدفعه أحد من الخلق ، إلا مَن رحم الله ، أو : مَن أهّله الله لذلك من أهل التربية النبوية . ثم ذكر وقت ما أقسم عليه ، فقال : { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } .