Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 165-165)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { وهو الذي جعلكم خلائف الأرض } أي : يخلف بعضكم بعضًا ، أو خلفاء الله في أرضه تتصرفون فيها بإذنه ، على أن الخطاب عام ، أو خلفاء الأمم السابقة ، على أن الخطاب للمسلمين ، { ورفع بعضكم فوق بعض درجات } في الشرف والغناء والقوة والجاه ، وفي العلوم والأعمال والأحوال والإخلاص والمعارف ، وغير ذلك مما يقع به التفاضل بين العباد ، { ليبلوكم فيما آتاكم } أي : ليختبر شكركم على ما أعطاكم ، وأعمالَكم فيما مكنكم فيه من الخلافة . { إن ربك سريع العقاب } لمن كفر نعمه ، إما في الدنيا لمن عجل أخذه لأن كل آت قريب ، { وإنه لغفور رحيم } لمن شكر نعمه وآمن وعمل بطاعته ، جمع بين التخويف والترجيه ليكون العبد بينهما . وبالله التوفيق . الإشارة : من شرف هذا الآدمي أن جعله خليفة عنه ، في ملكه ، يتصرف فيه بنيابته عنه ، ثم إن هذا التصرف يتفاوت على قدر الهمم ، فبقدر ما ترتفع الهمة عن هذا العالم يقع للروح التصرف في هذا الوجود ، فالعوام إنما يتصرفون فيما ملَّكهم الله من الأملاك الحسية . والخواص يتصرفون بالهمة في الوجود بأسره ، وخواص الخواص يتصرفُون بالله ، أمرُهم بأمر الله ، إن قالوا لشيء : كن يكون بإذن الله ، مع إرادة الله وسابق علمه وقدره ، وإلا فالهمم لا تخرق أسوار الأقدار ، والحاصل : أن من بقي مع الأكوان شهودًا وافتقارًا ، كان محبوسًا معها ، ومن كان مع المكون كانت الأكوان معه ، يتصرف فيها بإذن الله ، خليفة عنه فيها ، وهم متفاوتون في ذلك كما تقدم . وقال تعالى : { وهو الذي جعلكم خلائف الأرض } أي : خلفاء عنه تتصرفون في الوجود بأسره بأرواحكم ، وأنتم في الأرض بأشباحكم ، { ورفع بعضكم فوق بعض درجات } من أقطاب وأوتاد ونجباء ونقباء وغير ذلك ، مما هو مذكور في محله . خرطنا الله في سلكهم ومنحنا ما منحهم ، بمنَّه وكرمه ، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حبيبه ونبيه . آمين والحمد لله رب العالمين .