Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 65-67)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { قل } يا محمد : { هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم } ، كما فعل بقوم نوح ولوط وأصحاب الفيل ، { أو من تحت أرجُلِكُم } ، كما أغرق فرعون وخسف بقارون ، وقيل : من فوقكم : بتسليط أكابركم وحكامكم عليكم ، ومن تحت أرجلكم : سفلتكم وعبيدكم ، { أو يَلبسكم } أي : يَخلطكم { شيعًا } أي : فِرَقًا متحزبين على أهواء شتى ، فينشب القتال بينكم ، { ويُذيق بعضكم بأس بعض } ، بقتال بعضكم بعضًا . وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : أنه لما نزلت : { أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم } قال : " أعُوذُ بِوَجهِكَ " ، ولما نزلت : { أو من تحت أرجلكم } قال أيضًا : " أعُوذُ بِوَجهِكَ " ولما نزلت : { أو يلبسكم شيعًا } قال : " هذَا أهوَنُ " ، فقضى الله على هذه الأمة بالقتل والقتال إلى يوم القيامة ، نعوذ بالله من الفتن . قال تعالى : { انظر كيف نُصرف الآيات } أي : نُقبلها بورود الوعد والوعيد { لعلهم يفقهون } ما نزل إليهم . { وكذَّب به قومك } أي : بالعذاب ، أو بالقرآن ، { وهو الحق } أي : الواقع لا محالة ، أو الصدق في أخباره وأحكامه ، { قل لست عليكم بوكيل } أي : وكُل إليَّ أمركم فأمنعكم من التكذيب ، أو أجازيكم ، إنما أنا منذر ، والله هو الحفيظ . { لكل نبأ } أي : خبرٍ بعذاب أو إيعاد به ، { مستقر } أي : وقت استقراره ووقوعه ، يعرف عند انقضائه صدقة من كذبه ، { وسوف تعلمون } ما يحل بكم عند وقوعه في الدنيا والآخرة . الإشارة : الخطاب للمريدين السائرين ، أو الواصلين . خوفهم بأن يحول بينهم وبين شهود عظمته الفوقية والتحتية ، فينزل عليهم عذاب الفرق من جهة العلو أو السُّفل ، فلا يشهدون إلا الأكوان محيطة بهم ، أو يخالف بين وجوههم ويلبسهم شيعًا ، فإذا تفرقت الوجوه تفرقت القلوب غالبًا ، والعياذ بالله ، لأن الفتح والنصر مرتب على الجمع ، قال تعالى : { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ } [ سَبَأ : 26 ] . قال القشيري : فيه إشارة إلى أن الجمع مُؤذِن بالفتح . هـ . فينبغي للمريد أن يشهد الصفاء في الجميع ، ويتودد إلى الجميع ، حتى لا يبقى معه فرق . والله تعالى أعلم . ثم حذَّر من صحبة أهل الخوض ، فقال : { وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا } .