Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 71-73)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { ونُردُّ } : عطف على { ندعو } والهمزة للإنكار ، والرد على العقب : الرجوع إلى وراء ، لعلَّةٍ في المشي ، واستعير للمعاني ، و { كالذي استهوته } : الكاف في موضع نصب على الحال من الضمير في { نُردّ } أي : كيف نرجع مشبهين بمن استهوته الشياطين ، أو نعت لمصدر محذوف ، أي : ردًا كرد الذي … الخ . واستهوى : استفعل ، من هَوَى في الأرض إذا ذهب ، وقال الفارسي : استهوى بمعنى أهوى ، مثل استزل بمعنى أزل ، و { حيران } : حال من مفعول استهوى . و { أن أقيموا } : عطف على { لنُسلم } ، أو { أمرنا } . { قوله الحق } : مبتدأ ، و { يوم يقول } : خبر مقدم ، أي : قوله الحق حاصل يوم يقول : { كن فيكون } ، وفاعل { يكون } : ضمير فاعل كن ، أي : حين يقول للشيء : كن فيكون ذلك الشيء ، و { يوم ينفخ } : ظرف لقوله : { الملك } ، كقوله : { لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } [ غَافر : 16 ] . يقول الحقّ جلّ جلاله : { قل } لهم يا محمد { أندعو من دون الله } أي : نعبد { ما لا ينفعنا ولا يضرنا } من الأصنام الجامدة ، { ونُرد على أعقابنا } أي : نرجع إلى الشرك { بعد إذ هدانا الله } وأنقذنا ، ورزقنا الإسلام ، وهذا على الصحابة . وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يتقدم له شرك لعصمته ، أي : كيف نرد على أعقابنا ردًا { كالذي استهوته الشياطين } ، أي : أضلته مَرَدَةُ الجن عن الطريق المستقيم ، فذهب { في الأرض حيران } متحيرًا ضالاً عن الطريق ، { له أصحاب } أي : رفقة { يدعونه إلى الهدى } أي : إلى الطريق المستقيم ، يقولون له : { ائتنا } وكن معنا لئلا تتلف . وهو مثال لمن ترك الإسلام وضل عنه . { قل } لهم : { إن هدى الله } ، وهو الإسلام ، { هو الهدى } وحده ، وما عداه ضلال . { و } قد { أمرنا لنسلم لرب العالمين } نكون على الجادة من الهدى ، { و } أُمرنا { أن أقيموا الصلاة واتقوه } : أي : أُمرنا بإقامة الصلاة والتقوى ، رُوِي أن عبد الرحمن بن أبي بكر دعا أباه إلى عبادة الأوثان ، فنزلت ، وعلى هذا أُمِر الرسول بهذا القول إجابة عن الصديق تعظيمًا لشأنه ، وإظهارًا للاتحاد الذي كان بينهما . قاله البيضاوي . وقال ابن جزي : ويبُطل هذا قول عائشة : ما نزل في آل أبي بكر شيء من القرآن إلا برائتي . هـ . قلت : ليس بحجة لصغر سنِّها وقت نزول الآية بمكة ، والإسلام يمحو ما قبله . ثم قال جل جلاله : { وهو الذي إليه تحشرون } يوم القيامة فيظهر من تبع الحق من الباطل . { وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق } . أي : قائمًا بالحق والحكمة ، فهو أحق بالعبادة وحده ، { ويوم يقول كن فيكون قوله الحق } أي : قوله العدل حاصل يوم يقول للبعث والحشر : كن فيكون ، { وله الملك يوم ينفخ في الصور } أي : انفرد الملك له يوم ينفخ في الصور فيقول : لمن الملك اليوم ؟ فلا يُجاب ، فيقول : لله الواحد القهار ، { عالم الغيب والشهادة } أي : هو عالم بما غاب وما ظهر ، { وهو الحكيم } في صنعه ، { الخبير } بأمر عباده . الإشاره : إذا توجه العبد إلى مولاه ، وانقطع بكليته إلى الله ، طالبًا منه معرفته ورضاه ، قد يمتحن بشيء من شدائد الزمان كالفاقة وإيذاء الخلق والأحزان ، فيقال اختبارًا له : تعلق في دفع ما نزل بك بشيء من السِّوى ، فيجب عليه أن يقول : { أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونُردُّ على أعقابنا } بالالفتات إلى غير ربنا ، بعد إذ هدانا الله إلى توحيده ومعرفته ، ونكون كالذي استهوته الشياطين في الأرض ، حيران بالتفاته إلى غير الكريم المنان ، { قل إن هدى الله } أي : هدايته الخاصة ، وهي الإنقطاع إليه وحده في الشدائد ، { هو الهدى } ، وقد أُمرنا بالانقياد بكليتنا إلى ربنا ، وأُمرنا إذا حزبنا شيء بإقامة الصلاة لأنها مفتاح الفرج ، وبالتقوى لأنها سبب النصر { إنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا } ، وآخر أمرنا الموت والحشر إلى ربنا ، والاستراحة إلى الروح والريحان . وبالله التوفيق . ثم ذكر قصة إبراهيم إبطالاً لدعوى الشرك ، فقال : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً } .