Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 100-102)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { أن لو نشاء } : " أن " مخففة ، وهي وما بعدها : فاعل { يَهدِ } أي : أو لم يتبين لهم قدرتنا على إهلاكهم لو نشاء ذلك ؟ وإنما عدى " يهدي " باللام لأنه بمعنى يتبين ، و { نطبع } : استئناف ، أي : ونحن نطبع على قلوبهم . يقول الحقّ جلّ جلاله : { أوَ لم يهدِ } أي : يتبين { للذين يرثون الأرضَ من بعد أهلها } أي : يخلفون من قبلهم ويرثون ديارهم وأموالهم ، { أن لو نشاء أصبناهم } أي : أهلكناهم { بذنوبهم } بسبب ذنوبهم ، كم أهلكنا من قبلهم ، لكن أمهلناهم ولم نهملهم ، { و } نحن { نَطبَعُ على قلوبهم } بالغفلة والانهماك في العصيان ، { فهم لا يسمعون } سماع تدبر واعتبار . { تلك القرى } ، التي قصصنا عليك آنفًا ، { نقصّ عليك من أنبائها } من أخبارها ، أي : بعض أخبارها ، ولها أبناء غيرها لا نقصها عليك { ولقد جاءتهم رسُلهم بالبينات } : بالمعجزات ، { فما كانوا ليؤمنوا } عند مجيئهم ، بها { بما كذَّبوا من قبل } مجيئها ، يعني : أن ظهور المعجزات لم ينفعهم ، بل الشي الذي كذبوا به قبل مجيئها ، وهو التوحيد وتصديق الرسل استمروا عليه بعد مجيئها . أو : { فما كانوا ليؤمنوا } مدة عمرهم بما كذبوا به أولاً ، حيث جاءتهم الرسل ، فلم تؤثر فيهم دعوتهم المتطاولة والآيات المتتابعة . { كذلك يطبعُ الله على قلوب الكافرين } فلا تلين شكيمتهم بالآيات والنذر . { وما وجدنا لأكثرهم } أي : لأكثر أهل القرى { من عهدٍ } ، بل جُلُّهم نقضوا ما عَهدناهم عليه من الإيمان والتقوى بإنزال الآيات ونصب الحجج ، { وإن وجدنا أكثرَهم } أي : علمناهم { لفاسقين } ، و " إن " مخففة ، واللام : فارقة . الإشارة : ينبغي لمن فتح الله بصيرته أن ينظر بعين الاعتبار فيمن سلف قبله ، كيف تركوا الدنيا ورحلوا عنها ، ولم يأخذوا منها إلا ما قدموا أمامهم ؟ قَدِموا على ما قدَّموا ، وندموا على ما خلفوا ، ولم ينفعهم الندم وقد زلت بهم القدم ، فالدهر خطيب يُسمع القاصي والقريب ، وهو ينادي بلسان فصيح ، عادلاً عن الكتابة إلى التصريح ، قائلاً : أمَا حَصلَ لكم الإنذار ؟ أما كفاكم ما تشاهدون في الاعتبار ؟ أين من سلف قبلكم ؟ . أوَ ما كانوا أشد منكم أو مثلكم ؟ قد نما ذكرهم وعلا قدرهم ، وخسف بعد الكمال بدرهم ، فكأنهم ما كانوا ، وعن قريب مضوا وبانوا ، أفضوا إلى ما قدموا ، وانقادوا قهرًا إلى القضاء وسلموا ، فيا أيها الغافلون ، أنتم بمن مضى لاحقون ، ويا أيها الباقون أنتم إليهم تساقون ، قَضاءٌ مبرم ، وحُكمٌ ملزم ، ليس عند محيد لأحد من العبيد . ثم شرع في قصص موسى عليه السلام فقال : { ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَآ } .