Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 26-26)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : من قرأ : { لباس } بالرفع ، فهو متبدأ ، والجملة : خبر ، والرابط : الإشارة ، والريش : لباس الزينة ، مستعار من ريش الطير . يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا } أي : خلقناه لكم بتدبيرات سماوية وأسباب نازلة ، ونظيره : قوله تعالى : { وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } [ الزُّمر : 6 ] ، وقوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ } [ الحَديد : 25 ] . من صفة ذلك اللباس : { يُواري } أي : يستر { سوآتكم } التي قصد إبليس إبداءها ، ويغنيكم عن خصف الورق . رُوِي أن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ، ويقولون : لا نطوف في ثياب عصينا الله تعالى فيها ، فنزلت . ولعل ذكر قصة آدم تقدمه لذلك حتى يعلم أن انكشاف العورة أول سوء أصاب الإنسان من الشيطان ، وأنه أغواهم في ذلك كما أغوى أبويهم . قاله البيضاوي . { وريشًا } أي : ولباسًا فاخرًا تتجملون به { ولباسُ } أي : وأنزلنا عليكم لباس { التقوى } ، وهي خشية الله تعالى ، أو الإيمان ، أو السمت الحسن ، واستعار لها اللباس كقولهم : ألبسك الله لباس تقواه ، وقيل : لباس الحرب . ومن قرأ بالرفع فخبره : { ذلك خير } أي : لباس التقوى خير من لباس الدنيا لبقائه في دار البقاء دون لباس الدنيا فإنه فانٍ في دار الفناء ، { ذلك } أي : إنزال اللباس من حيث هو خير { من آيات الله } الدالة على فضله ورحمته ، { لعلهم يذَّكَّرون } فيعرفون نعمه ، فيشكرون عليها ، أو يتعظون فينزجرون عن القبائح . الإشارة : اللباس الذي يواري سوءات العبودية أي : نقائصها هي أوصاف الربوبية ونعوت الألوهية من عز وغنى ، وعظمة وإجلال ، وأنوار وأسرار ، التي أشار إليها في الحكم بقوله : " لو كنت لا تصل إليه إلا بعد فناء مساوئك ، ومحو دعاويك ، لم تصل إليه أبدًا ، ولكن إذا أراد أن يُوصلك إليه غطى وصفك بوصفه ، ونعتك بنعته ، فوصلك بما منه إليك ، لا بما منك إليه " . والريش هو بهجة أسرار المعاني التي تغيب ظلمة الأواني ، أو بهجة الأنوار التي تُفني الأغيار ، ولباس التقوى هي حفظه ورعايته لأوليائه في الظاهر والباطن مما يكدر صفاءهم أو يطمس أنوارهم . والله تعالى أعلم . ثم حذَّرهم من الشيطان ، وأعملهم بسابق عداوته ، فقال : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ } .