Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 22-23)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { إن شر الدوابّ عند الله } وهو كل من يدب على وجه الأرض ، { الصمُّ } عن سماع الحق ، { البُكمُ } عن النطق به ، { الذين لا يعقلون } الحق ولا يعرفونه ، عدهم من البهائم ثم جعلهم شرها لإبطالهم ما مُيزوا به وفُضلوا لأجله ، وهو استعمال العقل فيما ينفعهم من التفكر والاعتبار . قال ابن قتيبة : نزلت هذه الآية في بني عبد الدار ، فإنهم جدوا في القتال مع المشركين ، يعني يوم بدر ، وحكمها عام . { ولو علِمَ الله فيهم خيراً } سعادة كتبت لهم ، أو انتفاعاً بالآيات ، { لأسمعهُم } سماع تَفَهُّم ، { ولو أسمعهم } ، مع كونه قد علم الأخير فيهم ، { لتولَّوا } عنه ، ولم ينتفعوا به ، وارتدوا بعد التصديق والقبول ، { وهم مُّعرضون } عنه لعنادهم ، وقيل : إنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحيي لهم قُصي بن كلاب ، ويشهد له بالرسالة ، حتى يسمعوا منه ذلك ، فأنزل الله : { ولو عَلِمَ اللَّهُ فيهم خيراً لأسمعهم } كلامه بعد إحيائه ، { ولو أسمعهم لتولوا وهم مُّعرضُون } ، لسبق الشقاوة في حقهم . الإشارة : اعلم أن الأمر الذي شرف به الآدمي وفضل غيره هو معرفة خالقه ، واستعمال العقل فيما يقربه إليه ، وسماع الوعظ الذي يزجره عن غيه ، فإذا فقد هذا كان كالبهائم أو أضل ، ولله در ابن البنا ، حيث يقول في مباحثه : @ وَاعْلَمْ أَنَّ عُصْبَةَ الجُهَّالِ بَهَائِمٌ في صُوَرِ الرِّجَال @@ واعلم أيضاً أن بعض القلوب لا تقبل علم الحقائق ، فأشغلها بعلم الشرائع ، ولو علم فيها خيراً لأسمعها تلك الأسرار ، ولو أسمعها ، مع علمه بعدم قبولها ، لتولت عنها وأعرضت لضيق صدرها وعدم التفرغ لها . ثم دل على ما فيه حاية القلوب ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ } .