Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { إِذا السماءُ انفطرتْ } أي : انشقت لنزول الملائكة ، كقوله : { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } [ النبأ : 19 ] ، { وإِذا الكواكبُ انتثرتْ } أي : تساقطت متفرقة ، { وإِذا البحار فُجِّرتْ } فُتح بعضها إلى بعض ، فاختلط العذب بالأُجاج ، وزال ما بينها من البرزخ والحاجز ، وصارت البحار بحراً واحداً . رُوي : أنَّ الأرض تنشق ، فتغور تلك البحار ، وتسقط في جهنم ، فتصير نيراناً ، وهو معنى التسجير المتقدم عند الحسن . { وإِذا القبورُ بُعْثرِتْ } أي : قُلب ترابها ، وأُخرج موتاها ، يقال : بعثرت الحوض وبحثرته : إذا جعلت أسفله أعلاه ، وجواب " إذا " : { عَلِمَتْ نفسٌ ما قدَّمتْ وأخَّرَتْ } أي : إذا كانت هذه الأشياء قرأ كلُّ إنسان كتابه ، وجُوزي بعمله ، لأنَّ المراد بها زمان واحد ، مبدأه : النفخة الأولى ، ومنتهاه : الفصل بين الخلائق ونشر الصُحف ، لا أزمنة متعددة حسب تعددها ، وإنما كررت لتهويل ما في حيّزها من الدواهي ، ومعنى " ما قَدَّم وأخَّر " : ما سلف مِن عملٍ خير أو شر ، من سَنّ سُنة حسنة أو سيئة يُعمل بها بعده ، قاله ابن عباس وابن مسعود . وعن ابن عباس أيضاً : ما قدّم من معصية وأخّر من طاعة ، وقيل : ما قدَّم من أمواله لنفسه ، وما أخَّر لورثته ، وقيل : ما قدَّم من فرض ، وأخّر منه عن وقته ، وقيل : ما قدمتْ من الأسقاط والأفراط ، وأخّرت من الأولاد . والله تعالى أعلم . الإشارة : إذا سماء المعاني انفطرت ، أي : تشققت وظهرت من أصداف الأواني ، وإذا نجوم على الرسوم انتثرت عند طلوع شمس العيان ، وإذا بحار الأحدية فُجِّرتْ وانطبقت على الكائنات فأفنتها وإذا القلوب الميتة بُعثت وحييت بالمعرفة ، عَلِمَتْ نفسٌ ما قدّمت من المجاهدة وما أخَّرت منها إذ بقدر المجاهدة في خرق العوائد تكون المشاهدة ، وبقدر الشكر يكون الصحو ، وبقدر الشُرب يكون الرّي ، فعند النهاية يظهر قدر البداية ، البدايات مجلاة النهايات " فمَن أشرقت بدايته ، أشرقت نهايته " . وبالله التوفيق . ثم عاتَبَ تعالى مَن عرَّته نفسُه حتى غفل عن مجاهدتها ، فلم تُقَدِّم شيئاً أمامها ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ مَا غَرَّكَ } .