Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 103-104)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : لنبيه عليه الصلاة والسلام : { خُذْ من أموالهم } التي عرضوها عليك { صدقة } ، وهو الثلث ، فأخذ عليه الصلاة والسلام من أموالهم الثلث ، وترك لهم الثلثين ، أو : خذ من أموالهم صدقة ، وهي الزكاة المفروضة ، والضمير لجميع المسلمين . من صفة تلك الصدقة : { تُطهّرهُم } أنت يا محمد بها من الذنوب ، أو حب المال المؤدي بهم إلى البخل ، الذي هو أقبح الذنوب . وقرئ بالجزم جواب الأمر . { وتُزكِّيهم } أي : تنمي بها حسناتهم ، أو ترفعهم { بها } إلى درجات المخلصين ، { وَصَلِّ عليهم } أي : ترحم عليهم ، وادع لهم بالرحمة ، فكان عليه الصلاة والسلام يقول لمن أتاه بصدقته : " اللهُم صَل عَلى آلِ فُلان " . فأتى أبو أوفى بصدقته فقال : " اللهم صلِّ على آل أَبي أَوفَى " . { إِن صلاتك سَكَنٌ لهم } تسكن إليها نفوسهم ، وتطمئن بها قلوبهم ، لتحققهم بقبول دعائه عليه الصلاة والسلام . قال القشيري : انتعاشهم بهمَّتِكَ معهم أتم من استقلالهم بأموالهم . هـ . وجمع الصلوات لتعدد الموعد لهم ، وقرأ الأخَوانِ وحفص بالتوحيد . { والله سميعٌ عليم } أي : سميع باعترافهم عليم بندامتهم . { إلمْ يعلموا أن الله هو يقبلُ التوبةَ عن عباده } إذا صحت ، والضمير إما للتوب عليهم ، والمراد أن يُمكن في قلوبهم قبول توبتهم والاعتذار بصدقتهم ، أو لغيرهم ، والمراد به التحضيض على التوبه ، { و } أنه هو الذي { يأخذُ الصدقات } يقبلها قبول من يأخذ شيئاً ليؤدي بدله ، { وأن الله هو التوابُ الرحيم } أي : من شأنه قبول توبة التائبين ، والمتفضل عليهم بجوده وإحسانه . الإشارة : أخذ المشايخ من أموال الفقراء سبب في غناهم ، واتساع حالهم حساً ومعنى ، وقد قالوا : إذا أراد اللهُ أن يغني فقيراً سلط عليه ولياً يأخذ ماله ، أو أمره شيخه بإعطاء ماله ، فإن ذلك عنوان على غناه . وقد ذكر ذلك شيخ أشياخنا سيدي علي الجمل العراني في كتابه . وقد رأيت في مناقب شرفاء وزان : أن الشيخ مولاي التهامي أرسل إلى أخيه مولاي الطيب ، وكان من خواص تلامذته ، أن يدفع إليه جميع ماله ليصنع به كسرة للمرابطين ، فأرسل له جميع ما يملك ، حتى كسوة الدار وأثاث البيت ، فكان ذلك سبباً في فيضان ماله ، فلا تجد مدينة ولا قبيلة إلا وفيها مِلكٌ من أملاك مولاي الطيب ، حتى إلى بلاد الجزائر وما والاها ، وذلك بسبب تجارة شيخه له . والله تعالى أعلم . ثم هدد أهل التخطيط ، فقال : { وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } .