Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 91-93)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : جواب " إذا " يحتمل أن يكون تولوا ، وجملة قُلتَ : حال من الكاف في أتوك ، أي : أتوك قائلاً لا أجد … الخ ، ويحتمل أن يكون الجوابُ : " قلتَ " ، وتولوا استئناف لبيان حالهم حينئذٍ ، ومن الدمع : للبيان ، وهي مع المجرور ، في محل نصب على التمييز ، فهو أبلغ من تفيض دمعُها لأنه يدل على أن العين صارت دمعاً فياضاً ، وحزناً : علة ، أو حال ، أو مصدر لفعل دل عليه ما قبله ، ألا يجدوا : متعلق به ، أي : حزناً على ألاّ يجدوا ما ينفقون ، و إنما السبيل راجع لقوله : ما على المحسنين من سبيل . يقول الحق جل جلاله : { ليس على الضعفاءِ } كالهرْمى ، { ولا على المرضى } كالزّمْنَى ومن أضناه المرض ، { ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون } في الغزو { حَرَجٌ } أي : لا حَرج على هؤلاء في التخلف عن الغزو ، { إذا نَصَحوا الله ورسوله } بالإيمان والطاعة في السر والعلانية . قيل : نزلت في بني مُقرن ، وهم ستة إخوة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل في عبد الله بن مُغفل . { ما على المحسنين من سبيل } أي : ليس عليهم جناح ، ولا إلى معاتبتهم سبيل ، وإنما وضع المحسنين موضع المضمر للدلالة على أنهم منخرطون في سلك المحسنين ، غير معاتبين في ذلك ، { والله غفور رحيم } بالمسيء فكيف بالمحسنين ؟ { ولا على الذين إذا ما أتُوكَ لتحملَهم } معك إلى الغزو ، وهم البكاؤون سبعة من الأنصار : مَعقِل بن يَسَار ، وصَخْر بن خنساء ، وعبد الله بن كعب ، وسالم بن عُمَيْر ، وثَعْلَبَة بن غَنَمة ، وعبد الله بن مُغفَّل ، وعُلْية بن زيد . أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المَرْقُوعة والنِّعال المَخْصُوفَة ، نغزو معك ، فقال : لا أجد ، فتولَّوا وهم يبكون . وقيل : هم بنو مُقَرِّن ، وقيل : أبو موسى وأصحابه ، وعليه اقتصر البخاري . { قلت لا أجِدُ ما أحملكم عليه } وليس عندي ما أحملكم عليه ، { تولَّوا } عنك { وأعيُنهم تفيضُ من الدمع } أي : يفيض دمعها { حزناً } على { ألا يجدوا ما يُنفقون } في غزوهم . زاد البخاري : فلما رجع أبو موسى وأصحابه ، أُتي عليه الصلاة والسلام بِنَهَب إبل ، فدعاهم وحملهم عليها ، فقالوا : يا رسول الله ، إِنَّكَ حَلَفتَ أَلا تِحْمِلنَا ، فخفنا أن نكون أغفلناك يمينك ، فقال : " ما أنا حملتكم ، ولكن الله حملكم ، وإنِّي والله ، ما أحْلِفُ على يَمِينٍ فَأرَى خَيْراً مِنْها إلا كَفّرْتُ عن يَمِيني وأَتَيتُ الذي هُوَ خَيْر " . أو كما قال عليه الصلاة والسلام . قال تعالى : { إنما السبيلُ } أي : الحرج والمعاتبة { على الذين يستأذنونك } في القعود ، { وهم أغنياء } واجدون للأهبة ، { رَضُوا بأن يكونوا مع الخوالِف } كالنساء والصبيان ، وهو استئناف لبيان ما هو السبب لاستثنائهم من غير عذر ، وهو رضاهم بالدناءة ، والانتظام في جملة النساء والصبيان إيثار للدعة والكسل ، { وطَبَعَ اللَّهُ على قلوبهم } بالكفر والغفلة حتى غفلوا عن وخامة العاقبة ، { فهم لا يعلمون } ما يؤول إليه حالهم من الندم والأسف .