Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 12-12)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى في هذه الاية عن قلة صبر الانسان ، اذا ناله الضر دعا ربه على سائر حالاته التي يصيبه ذلك عليها ، سواء كان قائما أو قاعداً إذا أطاقه ، أو على جنبه من شدة المرض فيجتهد الدعاء لأن يهب الله له العافية . وليس غرضه بذلك نيل الثواب للآخرة . وانما غرضه زوال ما هو فيه من الآلام ، فاذا كشف الله عنه ذلك الضرر ، ووهب له العافية ، مرّ معرضاً عن شكر ما وهبه له من نعمة وعافية فلا يتذكر ما كان فيه من الآلام ، وصار في الاعراض عن ذلك بمنزلة من لم يدع الله كشف ألمه ولا سأله ازالة الضرر عنه الذي كان به . وقوله { كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون } قال ابو علي الجبائي : الشياطين الذين دعوا المسرفين إلى المعاصي واغووهم بها وبترك شكر نعم الله زينوا لهؤلاء المسرفين ما كانوا يعملونه من المعاصي والاعراض عن ذكر نعمه واداء شكره . والغرض بذلك انه ينبغي لمن وهب الله له العافية بعد المرض ان يتذكر حسن صنع الله اليه وجزيل نعمه عليه ، فيشكره على ذلك ويسأله ادامة ذلك عليه . ونبه بذلك على انه يجب عليه الصبر عند المرض وترك الجزع عند احتساب الأجر وطلب الثواب في الصبر على ذلك ، وأن يعلم أن الله محسن اليه بذلك ، وليس بظالم له . وقال الحسن التزيين هو التحسين من الشيطان والغواة . وقال غيره هو التحبيب بالشهوة لتحبيب المشتهى . وقوله { أو قاعداً أو قائماً } نصب على الحال . وقوله { كأن } هي المخففة عن الثقيلة ، وتقديره كأنه لم يدعنا ، ومثله قول الخنساء : @ كأن لم يكونوا حمى متقى اذ الناس اذ ذاك من عزّ بزّ @@ اي كأنهم . وقوله { مر كأن لم } اي استمر على طريقته الأولى كأنه لم يدعنا ولم يسألنا ذلك . وموضع الكاف نصب على أنه مفعول ما لم يسم فاعله والمعنى زين للمسرفين عملهم { كذلك } أي مثل ذلك .