Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 27-27)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما وصف الله تعالى المطيعين ، وما لهم من الثواب الجزيل في الجنة والخلود فيها ، ذكر حكم العصاة الذين يرتكبون السيئات ويكسبونها وأن لهم جزاء كل سيئة مثلها يعني قدر ما يستحق عليها من غير زيادة ، لأن الزيادة على قدر المستحق من العقاب ظلم ، وليس كذلك الزيادة على قدر المستحق من الثواب ، لأن ذلك تفضل يحسن فعله ابتداء . فالمثل - في الآية - المراد به مقدار المستحق من غير زيادة ولا نقصان . والكسب فعل يجتلب به نفع او يدفع به ضرر ، وقد يكتسب الانسان الحسنة والسيئة ، ولهذا لا يوصف الله تعالى بالكسب . وقوله { وترهقهم ذلة } اي يلحقهم هوان في أنفسهم . { وما لهم من الله من عاصم } أي ما لهم مانع من عقاب الله . وفي رفع { جزاء } في الآية وجهان : احدهما - ان تقديره فلهم جزاء سيئة بمثلها ليشاكل { للذين أحسنوا } . والآخرة - ان يكون الخبر بمثلها والباء زيادة كزيادتها في قولك ليس زيد بقائم . وقوله { كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً } شبه سواد وجوههم بقطع من الليل المظلم وانما ذكّر ووحّد مظلم لاحد أمرين : احدهما - ان يكون حالا من الليل . والثاني - على قول الشاعر : @ لو أن مدحة حي تنشرن أحداً أحيا أبا كن يا ليلى الأماديح @@ و ( القطع ) قرأه بتسكين الطاء ابن كثير والكسائي . الباقون بالتحريك ، وهما لغتان . وقوله { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } اخبار منه تعالى بأن من وصفهم ملازمون للنار خالدون فيها غير زائل عنهم عذابها . قال ابو عبيدة { قطعاً من الليل } وهو بعض الليل تقول اتيته لقطع من الليل اي ساعة من الليل ، وقطع واقطاع . وقال ابو علي : القطع الجزء من الليل الذي فيه ظلمة . فأما قوله { مظلماً } اذا اجريته على ( قطع ) فيحتمل نصبه وجهين : احدهما - ان يكون صفة من القطع وهو احسن ، لانه على قياس قوله { وهذا كتاب أنزلناه مبارك } وصف الكتاب بالمفرد بعد ما وصفه بالجملة واجراه على النكرة . والثاني - يجوز أن يكون حالا من الذكر الذي في الظرف . ومن قرأ { قطعاً } لم يكن مظلماً صفة لـ ( قطع ) ولا حالا من الذكر الذي في قوله { من الليل } ولكن يكون حالا من الليل المظلم فلما حذف الألف واللام نصب على ا لحال .