Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 61-61)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الكسائي { يعزب } بكسر الزاي هنا وفي سبأ . الباقون بضمها ، وهما لغتان . وان كان الضم أفصح واكثر . وقرأ حمزة وخلف ويعقوب { ولا أصغر … ولا أكبر } بالرفع فيهما . الباقون بفتحهما . فمن فتح الراء فلأن ( افعل ) في الموضعين في موضع جر ، لأنه صفة المجرور الذي هو قوله { مثقال ذرة } وانما فتح ، لأن ( افعل ) اذا اتصل به منكر كان صفة لا تنصرف في النكرة . ومن رفعه حمله على موضع الموصوف ، لأن الموصوف الذي هو { من مثقال ذرة } الجار والمجرور في موضع رفع ، كما كانا في موضعه في قوله { كفى بالله } ومثل قوله { من إله غيره } فمن رفع يجوز ان يكون صفة بمنزلة ( مثل ) ويجوز أن يكون استثناء كما تقول : ما لكم من إله الا الله . ومثله { فاصدّق وأكن من } وغير ذلك . ويجوز أن يعطف قوله { ولا أصغر } على { ذرة } فيكون التقدير وما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا مثقال اصغر ، فعلى هذا لا يجوز الا الجر لانه لا موضع للذرة غير لفظها ، كما كان لقولك من مثقال ذرة موضع غير لفظه . ولا يجوز على قراءة حمزة ان يكون معطوفاً على { ذرة } كما جاز في قول الباقين لأنه اذا عطف على { ذرة } وجب ان يكون اصغر مجروراً ، وانما فتح ، لأنه لا ينصرف وكذلك يكون على قول من عطفه على الجار الذي هو { من } . معنى قوله { وما تكون في شأن } ليس تكون في حال من الاحوال ، لأن الشأن والبال الحال نظائر وجمعه شؤن . والشأن معنى مفخم على طريق الجملة يقال : ما شأنك وما حالك وما بالك . وقوله { وما تتلو منه من قرآن } اي وليس تتلو من القرآن ، فتكون الهاء كناية عن القرآن قبل الذكر لتفخيم ذكر القرآن ، كما قال { إنه أنا الله العزيز الحكيم } ويحتمل أن تكون الهاء عائدة على الشأن وتقديره وما يكون من الشأن . وقوله { وما تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً } اي ليس يخفى على الله شيء من اعمالكم بل يعلمها كلها ويشهدها . والمشاهدة الادراك بالحاسة . والمشاهد المدرك بحاسة اي ذات يعني عن حاسة يقال : شاهد وشهود وشهداء . وقوله { إذ تفيضون فيه } فالاضافة الدخول في العمل على جهة الانصباب اليه ، وهو الانبساط اليه في العمل مأخوذ من فيض الاناء اذا انصب من جوانبه . ومنه قوله { أفضتم من عرفات } اي تفرقتم كتفرق الماء الذى ينصب من الاناء . ومثله أفاض الماء عليه وافاض في الحديث وقوله { وما يعزب عن ربك } فالعزوب الذهاب عن المعلوم وضده حضور المعنى للنفس . وتعزّب اذا انفرد عن اهله . وقال ابن عباس معنى لا يعزب لا يغيب . وقوله { من مثقال ذرة } فالذر صغار النمل واحده ذرة ، وهو خفيف الوزن جداً . ومعنى مثقال ذرة وزن ذرة يقال : خذ هذا فانه أخف مثقالا اي اخف وزناً . وقوله { ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين } معناه لا يخفى عليه ما وزنه مثقال ذرة ولا ما هو اصغر منها ولا ما هو اكبر الا وقد بينه في الكتاب المحفوظ وكتبته ملائكته وحفظوه .