Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 104, Ayat: 1-9)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ حمزة والكسائي وخلف وابن عامر وابو جعفر وروح { جمع } بالتشديد على التكثير . الباقون بالتخفيف ، لأنه يقع على القليل والكثير . ومن شدد أراد جمعه من وجوه شتى شيئاً بعد شيء { وعدده } أي جعله عدة . ومن قرأ مخففاً أراد جمع مالا وعدداً أي وقوماً ذوي عدد أنصاراً . وقرأ أهل الكوفة إلا حفصاً { عمد } بضمتين جعلوه جمع عمود وعمد ، مثل قدوم وقدم ، وزبون وزبن . الباقون بفتح العين والميم ، لأنهم قد قالوا فى جمع عمود عمد ، كما قالوا فى جمع أديم أدم . وفى جمع أهاب أهب . هذا وعيد من الله تعالى وتهديد { لكل همزة لمزة } فالهمزة الكثير الطعن على غيره بغير حق ، العائب له بما ليس فيه عيب لجهله وسفهه وشدة إقدامه على مكاره غيره ، يقال : همز الناس يهمزهم همزاً ، وهو همزة . ومثله ضحكة أي كثير الضحك وعيبة أي كثير العيب . فكذلك همزة كثير الهمز بالطعن . ومنه الهمزة فى الكلام لانها تخرج كالطعنة بقوة اعتماد . وقال ابن عباس : الهمزة الطعّان . واللمزة المغتاب وقال زياد الاعجم : @ تدلي بودي إذا لاقيتني كذبا وإن تغيبت فانت الهامز اللمز @@ وقال ابن عباس : الهمزة اللمزة المشاء بالنميمة ، المفرق بين الاحبة الباغي المبرئ العيب بالمكابرة . وقيل : نزلت فى مشرك بعينه كان يعيب الناس ويلمزهم - ذكره ابن عبا س - وقال قوم : نزلت فى الوليد بن المغيرة . وقال السدي : نزلت هذه السورة فى الاخنس ابن شريق ، وكان يهمز النبي صلى الله عليه وآله ويلمزه . وقيل : نزلت فى جميل بن عامر الجهني . وقال مجاهد وورقاء وابن عباس : ليست خاصة لاحد بل هي عامة . وقوله { الذي جمع مالا وعدده } نعت للهمزة الذي تقدم ذكره فى أنه يجمع المال ويحبه ، ولا يخرج حق الله منه . وقوله { يحسب أن ماله أخلده } معناه يظن هذا الذي جمع المال ، ولا يخرج حق الله منه أنه سيخلده . وقوله { أخلده } يخلده ، كما قيل أهلك إذا حدث به سبب الهلاك من غير أن يقع هلاكه بعد . وإنما ذلك بمعنى أوجب إخلاده وهلاكه وقيل : ليس المراد أنه يظن أنه لا يموت ، ولكن يجب أنه يبقى من ماله إلى أن يموت . وقيل : معناه إنه يعمل عمل من يحسب أن ماله أخلده . وقال الحسن : معناه يحسب أن ماله أخلده حتى يفنيه . وقوله { كلا لينبذن في الحطمة } معناه ليقذفن وليطرحن من وصفناه بجمع المال ومنع حق الله في الحطمة . ثم قال { وما أدراك ما الحطمة } تفخيماً لها . ثم فسرها فقال { نار الله الموقدة } أي هي نار الله الموقدة . والحطمة الكثيرة الحطم أي الاكل ، ورجل حطمة ، وحطم الشيء إذا كسره وأذهبه ، وتحطم إذا تكسر وأصله الكسر المهلك . وقوله { التي تطلع على الأفئدة } معناه يبلغ ألمها ووجعها الأفئدة ، تقول : اطّلعت على أرض كذا إذا بلغتها ، وقوله { إنها } يعني النار { عليهم } يعني الكفار { مؤصدة } أي مطبقة ، يقال اصدت الباب أوصده إذا اطبقته ، وأوصدته إيصاداً لغتان . ومنه قوله { وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد } وابو عمرو يهمز { مؤصدة } إذا لين الهمز ، لئلا يخرج من لغة إلى لغة أخرى . وقوله { في عمد ممددة } فالعمد جمع عمود ، وقيل : جمع عماد ، كقولك : أهاب وأهب ، ويجوز عمد ، والعمود عمود مستدير مستطيل قوي على شدة الاعتماد . وقال ابن مسعود : معناه إن النار مطبقة بعمد ممددة . وقال ابن عباس : فى عمد مغللبن بها . وقال قتادة : فى عمد يعذبون بها . وقيل : الاطباق بالعمد الممددة ليتأكد يأسهم من الخروج منها .