Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 107, Ayat: 1-7)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { أرأيت } خطاب للنبي صلى الله عليه وآله على وجه التعجيب له من الكافر { الذي يكذب بالدين } وذهابه عن الايمان به مع وضوح الأمر فيه وقيام الدلالة على صحته والمراد بالدين الجزاء من الثواب والعقاب ، فالتكذيب بالجزاء من أضرّ شيء على صاحبه ، لانه يعدم به أكثر الدواعي إلى الخير ، والصوارف عن الشر ، فهو يتهالك فى الاسراع إلى الشر الذي يدعوه اليه طبعه لا يخاف عاقبة الضرر فيه . وقوله { فذلك الذي يدع اليتيم } وصف الذي يكذب بالدين ، فبين أن من صفته أنه يدع اليتيم ، ومعناه يدفعه عنفاً ، وذلك لانه لا يؤمن بالجزاء عليه ، فليس له رادع عنه ، كما لمن يقر بأنه يكافئ عليه ، دعّه يدعه دعاً إذا دفعه دفعاً شديداً ، وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة { يدع اليتيم } معناه يدفعه عن حقه . وقوله { ولا يحض على طعام المسكين } معناه ولا يحث على طعام المسكين بخلا به ، لأنه لو كان لا يحض عليه عجزاً عنه لم يذم به ، وكذلك لو لم يحض عليه من غير قبيح كان منه لم يذم عليه ، لأن الذم لا يستحق إلا بما له صفة الوجوب إذ أخل به أو القبيح إذا فعله على وجه مخصوص . وقوله { فويل للمصلين } تهديد لمن يصلي على وجه الرياء والسمعة . وإنما أطلق مع انه رأس آية يقتضي تمام الجملة ، لأنه معرف بما يدل على انه أراد من يصلي على جهة الرياء والنفاق . ثم بين ذلك بقوله { الذين هم عن صلاتهم ساهون } قال ابن عباس ومسروق : معناه يؤخرونها عن وقتها ، وقال قتادة : معناه غافلون . وقال مجاهد : لاهون كأنهم يسهون للهوهم عنها واللهو يوجب تأخيرها عن وقتها لانه قال عن صلاتهم . وقيل : ساهون فيها { الذين هم يراؤن } معناه إنه يراؤن بصلاتهم الناس دون أن يتقربوا بها إلى الله . وإنما ذم السهو فى الصلاة مع انه ليس من فعل العبد بل هو من فعل الله ، لان الذم توجه فى الحقيقة على التعرض للسهو بدخوله فيها على وجه الرياء وقلبه مشغول بغيرها ، لا يرى لها منزلة تقتضي صرف الهم اليها . وقوله { ويمنعون الماعون } قال ابو عبيدة : كل ما فيه منفعة ، فهو الماعون ، وقال الاعشى : @ باجود منه بماعونه إذا ما سماؤهم لم تغم @@ وقال الراعي : @ قوم على الإسلام لما يمنعوا ماعونهم ويضيعوا التنزيلا @@ وقال اعرابي فى ناقة : إنها تعطيك الماعون أي تنقاد لك ، والماعون أصله القلة من قولهم : المعن القليل قال الشاعر : @ فان هلاك مالك غير معن @@ أي غير قليل ، فالماعون القليل القيمة مما فيه منفعة من آلة البيت نحو الفاس والمقدحة والابرة والدلو - وهو قول ابن مسعود وابن عباس وإبراهيم وابي مالك وسعيد ابن جبير - وسئل عكرمة فقيل له : من منع ذلك فالويل له ؟ قال : لا ، ولكن من جمع ذلك بأن صلى ساهياً مرائياً ومنع هذا . وقوله { فويل للمصلين } وهو يعني المنافقين ، فدل على أن السورة مدنية لانه لم يكن بمكة نفاق ، ويقال : معن الوادي إذا جرت مياهه قليلا قليلا . والماء المعين الجاري قليلا قليلا . وأمعن في الامر إذا أبعد فيه قليلا قليلا . وروي عن علي عليه السلام أنه قال : الماعون الزكاة ، وهو قول ابن عمر والحسن وقتادة والضحاك وقال الشاعر : @ بمج صبيره الماعون صبا @@ فالصبير السحاب . وقال أنس بن مالك : الحمد لله الذي لم يجعلها في صلاتهم وإنما جعلها عن صلاتهم ، فتأولها من تركها متعمداً . والمراد بالصلاة هنا الفرض .