Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 108, Ayat: 1-3)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب من الله لنبيه صلى الله عليه وآله على وجه تعداد نعمه عليه . يقول { إنا أعطيناك الكوثر } فالاعطاء إخراج الشيء إلى آخذ له ، وهو على وجهين : اعطاء تمليك واعطاء غير تمليك . فاعطاء الكوثر إعطاء تمليك ، كاعطاء الاجر ، وأصله التناول من عطا يعطوا إذا تناول . و { الكوثر } الشيء الذي من شأنه الكثرة ، والكوثر الخير الكثير . وهو ( فوعل ) من الكثرة ، قال عطاء : هو حوض النبي صلى الله عليه وآله الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة . وقال ابن عباس : هو الخير الكثير . وروي عن عائشة : أن الكوثر نهر في الجنة جانباه قباب الدرّ والياقوت ، وقال الحسن : الكوثر القرآن . وقال ابن عمر : هو نهر يجري في الجنة على الدر والياقوت وقوله { فصل لربك } أمر من الله تعالى لنبيه ويدخل معه جميع المكلفين يأمرهم بالصلاة وأن ينحروا وقال ابن عباس وأنس بن مالك ومجاهد وعطاء : معنى وانحر انحر البدن متقرباً إلى الله بنحرها خلافاً لمن نحرها للاوثان . وقيل : معناه { فصل لربك } صلاة العيد { وانحر } البدن والاضاحي . وقيل : معناه صل لربك الصلاة المكتوبة واستقبل القبلة بنحرك . تقول العرب : منازلنا نتناحر هذا ينحر هذا أي مستقبلة ، وانشد بعضهم : @ ابا حكم ها انت عم مجالد وسيد أهل الابطح المتناحر @@ وروي عن علي عليه السلام أن معناه ضع نئك هو الأبتر يعني الذي انقطع عنه كل خير . وقيل : إنه أراد به انه لا ولد له على الحقيقة ، وأن من اليمنى على اليسرى حذاء النحر - وهذه الرواية غير صحيحة - والمروي عن ابي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أن معناه وانحر البدن والاضاحي . وقوله { إن شانئك هو الأبتر } فالشانئ المبغض تقول : شنئته اشنؤه شناء إذا أبغضته ، وقال ابن عباس : معناه عدوك ، وهو قول سعيد بن جبير ، وقال : هو العاص بن وائل السهمي ، فانه قال فى النبي صلى الله عليه وآله إنه أبتر لا عقب له ، فقال الله تعالى إن شاينسب اليه ليس بولد له ، والابتر هو المنقطع عن الخير . وقيل : هو الذي لا عقب له - ذكره مجاهد - وقال قتادة : معناه الاقل الاذل بانقطاعه عن الخير . وقيل : قوله { إن شانئك هو الأبتر } جواب لقول قريش انه أبتر لا ولد له ذكر إذا مات قام مقامه يدعو اليه ، وقد انقطع أمره . فقيل : إن شانئك هو الابتر الذي ينقطع ما هو عليه من كفره بموته ، فكان الامر كما اخبر به ، وقيل : الحمار الابتر المقطوع الذنب ، فشبه به . وقيل : فى السورة تشاكل المقاطع للفواصل وسهولة مخارج الحروف بحسن التأليف وتقابل المعاني بما هو أولى لان قوله { فصل لربك } احسن من صل لنا ، لانه يجب أن يذكر في الصلاة بصفة الربوبية { وانحر } ها هنا أحسن من قوله ( وانسكه ) لانه على برّ يعم بعد برّ يخص . و { الأبتر } احسن من ( الاخس ) لانه أدل على الكناية في النفس ، فهذه الحروف القليلة قد جمعت المحاسن الكثيرة . ومالها في النفس من المنزلة اكثر بالفخامة والجزالة وعظم الفائدة التي يعمل عليها وينتهى اليها .