Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 46-46)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الكسائي ويعقوب { إنه عمل غير صالح } على الفعل ، ونصب { غير } الكسائي . الباقون { عمل } اسم مرفوع منون { غير } رفع . وقرأ ابن كثير { تسألنّ } بالتشديد ، وفتح النون ، وافقه نافع في التشديد الا انه كسر النون . الباقون بالتخفيف وكسر النون الا أن أبا عمرو يثبت الياء في الاصل . قال أبو علي النحوي ( سألت ) فعل يتعدى إلى مفعولين وليس مما يدخل على المبتدأ وخبره ، ويمتنع ان يتعدى إلى مفعول واحد . فمن قرأ بفتح اللام ، ولم يكسر النون عداه إلى مفعول واحد في اللفظ . والمعنى على التعدي إلى ثان ومن كسر النون دل على انه عداه إلى مفعولين ، احدهما : اسم المتكلم . والآخر - الاسم الموصول ، وحذف النون المتصلة بياء المتكلم ، كما حذفت من قولهم { إني } كراهة اجتماع النونات . ومن اثبت الياء فهو الاصل ، ومن حذفها اجتزأ بالكسرة الدالة عليها . في هذه الآية حكاية عما أجاب الله به نوحاً حين سأله نجاة ابنه بأن قال له { يا نوح انه ليس من أهلك … } وقيل في معناه ثلاثة أقوال : أحدها - قال ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك واكثر المفسرين : انه ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم معك ، وانه كان ابنه لصلبه ، بدلالة قوله { ونادى نوح ابنه } فأضافه اليه اضافة مطلقة . والثاني - انه اراد بذلك أنه ليس من أهل دينك ، كما قال النبي صلى الله عليه وآله " سلمان منا أهل البيت " وإنما اراد على ديننا . وثالثها - قال الحسن ومجاهد : انه كان لغيره ، وولد على فراشه ، فسأل نوح على الظاهر فأعلمه الله باطن الأمر ، فنفاه منه على ما علمه ، فيكون على هذا هو نفسه عمل غير صالح ، كما يقولون : الشعر زهير . وهذا الوجه ضعيف ، لأن في ذلك طعناً على نبي وإضافة ما لا يليق به اليه . والمعتمد الأول . وقال ابن عباس : ما زنت امرأة نبي قط ، وكانت الخيانة من امرأة نوح انها كانت تنسبه إلى الجنون والخيانة من امرأة لوط انها كانت تدل على أضيافه . وروي عن علي عليه السلام أنه قرأ ونادى نوح ابنها فنسبه إلى المرأة ، وأنه كان يربيه . وروي عن محمّد بن علي بن الحسين عليهم السلام وعروة بن الزبير أنهما قرءا { ونادى نوح ابنه } بفتح الهاء وترك الالف كراهة ما يخالف المصحف ، وأرادا أن ينسباه إلى المرأة ، وأنه لم يكن ابنه لصلبه . وقال الحسن : كان منافقاً يظهر الايمان ويستر الكفر . وقوله { إنه عمل غير صالح } فمن قرأ على الفعل ، فمعناه انه ليس من اهلك لانه عمل غير صالح ، وتقديره انه عمل عملا غير صالح ، وحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه ، وذلك يستعمل كثيراً ، وهذه القراءة تقوي قول من قال : إن ابنه لم يكن على دينه ، لأن الله تعالى علل كونه ليس من أهله بأنه عمل عملا غير صالح . وأما من قرأ على الرفع والتنوين على الاسم فتقديره إنه ذو عمل غير صالح فجاء على المبالغة في الصفة كما قالت الخنساء : @ ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت فانما هي إقبال وإدبار @@ قال الزجاج : تقديره فانما هي ذات إقبال وادبار ، تصف الناقة في حنينها إلى ولدها . وقيل : ان المعنى ان سؤالك اياي هذا عمل غير صالح ، ذكره ابن عباس ومجاهد وابراهيم . وهذا وضعيف ؛ لأن فيه اضافة القبيح إلى الأنبياء عليهم السلام وذلك لا يجوز عندنا على حال . فالأول هو الجيد . ويحتمل ان يكون المراد ان كونه مع الكافرين وانحيازه اليهم وتركه الركوب مع نوح عمل غير صالح . وقوله { فلا تسألني ما ليس لك به علم } معناه لا تسألني ما لا تعلم أنه جائز في حكمي لأن هذا من سؤال الجاهلين ، نهاه عن ذلك ؛ ولا يدل على أن ما نهاه عنه قد وقع كما أن قوله { لئن أشركت ليحبطن عملك } لا يدل على وقوع الشرك . وقوله { إني أعظك أن تكون من الجاهلين } فالوعظ الزجر عن القبيح بما يدعوا إلى الجهل على وجه الترغيب والترهيب . والصحيح أن الجهل قبيح على كل حال . وقال الرماني : انما يكون قبيحاً اذا وقع عن تعمد ، فاما اذا وقع غلطاً او سهواً لم يكن قبيحاً ولا حسناً . وهذا ليس بصحيح ، لأن استحقاق الذم عليه يشرط بالعمد فاما قبحه فلا كما نقوله في الظلم سواء .