Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 7-7)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اخبر الله تعالى أنه خلق السماوات والارض وأنشأهما في ستة ايام ، وانما خلقهما في هذا المقدار من الزمان مع قدرته ان يخلقهما في أقل من لمح البصر ليبين بذلك ان الامور جارية في التدبير على منهاج ، ولما علم في ذلك من مصالح الخلق من جهة اقتضاء ان ينشأها على ترتيب يدل على انها كانت عن تدبير عالم بها قبل فعلها مثل سائر الافعال المحكمة . وقوله { وكان عرشه على الماء ليبلوكم } معناه انه خلق الخلق ودبر الامر ليظهر احسان المحسن ، لأنه الغرض الذي يجري بالفعل اليه . وفي وقوف العرش على الماء ، والماء على غير قرار اعظم للاعتبار لمن امعن النظر واستعمل الفكر . والمراد بقوله { في ستة أيام } ما مقدارة مقدار ستة أيام ، لانه لم يكن هناك ايام تعد ، لان اليوم عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها . وقوله { ليبلوكم } معناه ليعاملكم معاملة المبتلي المختبر مظاهرة في العدل لئلا يتوهم أنه يجازي العباد بحسب ما في المعلوم أنه يكون منهم قبل أن يفعلوه . وقوله { أيكم أحسن عملاً } فيه دلالة على أنه يكون فعل حسن أحسن من فعل حسن آخر لان لفظة أفعل حقيقتها ذلك . ولا يجوز ترك ذلك الا لدليل ، وليس ها هنا ما يوجب الانصراف عنه . وقوله { ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين } إعلام من الله تعالى لنبيه انه لو قال لهؤلاء الكفار ان الله يبعثكم بعد موتكم ويجازيكم على أعمالكم لقالوا : ليس هذا القول الا سحر ظاهر . ومن قرأ { ساحر } اراد ليس هذا يعنون النبي صلى الله عليه وآله الا ساحر مبين . وقال الجبائي في الاية دلالة على انه كان قبل خلق السماوات والارض الملائكة قال : لان خلق العرش على الماء لا وجه لحسنه الا أن يكون فيه لطف لمكلف يمكنه الاستدلال به فلا بد اذاً من حيّ مكلف . والاقوى ان يقال : انه لا يمتنع ان يتقدم خلق الله لذلك اذا كان في الاخبار بتقدمه مصلحة الملكلفين ، وهو الذي اختاره الرماني . وكان علي بن الحسين الموسوي المعروف بالمرتضى ( ره ) ينصره . وظاهر الاية يقتضي ان العرش الذي تعبد الله الملائكة بحمله كان مخلوقاً قبل السموات والارض ، وهو قول جميع المفسرين : كابن عباس ومجاهد وقتادة والبلخي والجبائي والرماني والفراء والزجاج وغيرهم . وقال ابن عباس : كان العرش على الماء ، والماء على الهواء . وقال الجبائي : ثم نقل الله العرش إلى فوق السماوات