Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 111, Ayat: 1-5)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ عاصم { حمالة الحطب } نصباً على الذم . الباقون بالرفع على أنه خبر الابتداء ، ويجوز أن يكون ارتفع { امرأته } على أنه فاعل { سيصلي } فكأنه قال سيصلى أبو لهب وامرأته ناراً ذات لهب . وقرأ ابن كثير { يدا أبي لهب } ساكنة الهاء على التخفيف ، كما قالوا فى نهر : نهر . الباقون بالتثقيل . وروي أن أبا لهب كان قد عزم على أن يرمي النبي صلى الله عليه وآله بحجر فمنعه الله من ذلك ، وقال تبت يداه للمنع الذي وقع به . ثم قال " وتب " بالعقاب الذي ينزل به فيما بعد ، وقيل فى قوله { تبت يدا أبي لهب } أنه الدعاء عليه نحو قوله { قاتلهم الله أنى يؤفكون } فاما قوله { وتب } فانه خبر محض ، كأنه قال : وقد تب . وقيل : إنه جواب لقول أبي لهب : تباً لهذا من دين ، حين نادى النبي صلى الله عليه وآله بني عبد المطلب ، فلما اجتمعوا له قال لهم : إن الله بعثني إلى الناس عاماً وإليكم خاصاً ، وأن اعرض عليكم ما إن قبلتموه ملكتم به العرب والعجم . قالوا وما ذلك يا محمد صلى الله عليه وآله قال : " أن تقولوا لا إله إلا الله وأني رسول الله " فقال أبو لهب تباً لهذا من دين . فأنزل الله تعالى قوله { تبت يدا أبي لهب } والتباب الخسران المؤدي إلى الهلاك تبه يتب تباً ، والتباب الهلاك . وفى { تبت يدا } مع أنه إخبار ذم لابي لهب لعنة الله . وإنما قال : تبت يداه ولم يقل : تب ، مع انه هو الهالك فى الحقيقة لأنه جار مجرى قوله كسبت يداه ، لأن اكثر العمل لما كان باليدين أضيف ذلك اليهما على معنى الخسران الذي أدى اليه العمل بهما . وقوله { ما أغني عنه ماله وما كسب } معناه ما نفعه ماله ولا الذي كسبه من الاموال ، ولا دفع عنه عقاب الله حين نزل به ، فالاغناء عنه الدفع عنه ، فأما الاغناء بالمال ونحوه فهو دفع وقوع المضارّ به . وقوله { سيصلى ناراً ذات لهب } خبر من الله تعالى أن أبا لهب سيصلى ناراً ذات لهب ، وهي نار جهنم المتلهبة . وفى ذلك دلالة على صدق النبي صلى الله عليه وآله ، لأنه اخبر بأنه يموت على كفره ، وكان الأمر على ذلك . وقوله { وامرأته حمالة الحطب } قال ابن عباس والضحاك وابن زيد : إن امرأة ابي لهب كانت تحمل الشوك فتطرحه فى طريق النبي صلى الله عليه وآله إذا خرج إلى الصلاة وقال عكرمة ومجاهد وقتادة : إنما وصفت بحمالة الحطب ، لأنها كانت تمشي بالنميمة وقيل : حمالة الحطب فى النار . وفى ذلك دلالة أيضاً قاطعة على أنها تموت على الكفر . وامرأة أبي لهب أم جميل بنت حرب اخت ابي سفيان عمة معاوية ، . وقوله { في جيدها حبل من مسد } فالمسد حبل من ليف ، وجمعه أمساد وإنما وصفت بهذه الصفة تخسيساً لها وتحقيراً والجيد العنق ، قال ذو الرمة : @ فعيناك عيناها ولونك لونها وجيدك إلا انه غير عاطل @@ وقال ابو عبيدة : المسد حبل يكون من ضروب ، قال الراجز : @ ومسد امر عن أيانق صهب عناق ذات منح زاهق @@ والمسد الليف لان من شأنه أن يفتل للحبل . وأصل المسد المحور من حديد ، لانه يدور بالفتل . وقال قوم : هو اليف المفتل . فان قيل : ما الذي كان يجب على أبي لهب حين سمع هذه السورة ؟ أكان يجب عليه ان يؤمن ؟ فلو آمن لكان فيه تكذيب خبر الله بأنه سيصلى ناراً ذات لهب ، وإن لم يجب عليه الايمان فذلك خلاف الاجماع ؟ ! ! قيل : خبر الله مشروط بأنه سيصلي ناراً ذات لهب إن لم يؤمن ، ويجب عليه أن يعلم ذلك ، وهذا أبين الاجوبة واظهرها . والله أعلم .