Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-4)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو عمرو - فى رواية هارون عنه - { أحد الله الصمد } بغير تنوين فى الوصل . وقرأ فى رواية نصر عن أبيه واحمد بن موسى عنه بالتنوين ، وجه ترك التنوين أنه ينوى به الوقف ، لأنه رأس آية مع انه قد يحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، والوجه تحريكه ، قال الشاعر : @ فالفتيه غير مستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا @@ وقرأ { كفؤاً } بسكون الفاء - مهموزاً - حمزة ونافع على خلاف عن نافع . الباقون بضم الفاء مهموزاً . وإنما قال فى أوائل هذه السور { قل } وهي أوامر من الله تعالى ، لان المعنى قال لي جبرائيل { قل هو الله أحد } فحكى النبي صلى الله عليه وآله ما قيل له . وقيل لسورة الاخلاص وقل يا ايها الكافرون ( المقشقشتان ) ومعناهما المبرئتان من الكفر والنفاق ، كما يقشقش الهناء الجرب . وهذا امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله ان يقول لجميع المكلفين { هو الله } الذي نحق له العبادة { أحد } ومعناه واحد ، فقوله { هو } كناية عن اسم الرب ، لانهم قالوا ما ربك ؟ قال هو الله احد . وقال الكسائي { هو } عماد ، وقوله { الله } ابتداء ، وخبره { أحد } وانكر الفراء أن يكون العماد مستأنفاً ، واصل { أحد } وحد فقلبت الواو همزة ، كما قيل : وناه وأناه ، لان الواو مكروهة اولا ، وقد جاء وحد على الاصل قال الشاعر : @ كأن رجلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد @@ وحقيقة الوحد شيء لا ينقسم فى نفسه أو معنى صفته ، فاذا أطلق احد من غير تقدم موصوف ، فهو احد نفسه ، فاذا جرى على موصوف ، فهو احد فى معنى صفته ، فاذا قيل : الجزء الذي لا يتجزأ واحد ، فهو واحد فى معنى صفته ، وإذا وصف تعالى بأنه احد ، فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها غيره : من كونه قديماً وقادراً لنفسه وعالماً وحياً وموجوداً كذلك ، وأنه تحق له العبادة لا تجوز لأحد سواه . ولا يجوز أن يكون { أحد } هذه هي التي تقع فى النفي ، لأنها اعم العام على الجملة أحد ، والتفصيل ، فلا يصلح ذلك في الايجاب ، كقولك ما فى الدار احد أي ما فيها واحد فقط ولا اكثر ، ويستحيل هذا فى الايجاب ، وفى قوله { الله أحد } دليل فساد مذهب المجسمة ، لأن الجسم ليس بـ { أحد } إذ هو اجزاء كثيرة ، وقد دل الله بهذا القول على أنه احد ، فصح انه ليس بجسم . وقوله { الله الصمد } معناه الذي تحق له العبادة هو الموصوف بأنه { الصمد } وقيل : فى معناه قولان : احدهما - قال ابن عباس وشقيق وابو وائل : إنه السيد المعظم ، كما قال الاسدي : @ الابكر الناعي بخيري بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد @@ وقال الزبرقان : @ ولا رهينة إلا السيد الصمد @@ الثاني - ان معناه الذي يصمد اليه فى الحوائج ليس فوقه أحد ، يقال : صمدت اليه أصمد إذا قصدت اليه إلا أن فى الصفة معنى التعظيم كيف تصرفت الحال . ومن قال : الصمد بمعنى المصمت ، فقد جهل الله ، لأن المصمت هو المتضاغط الاجزاء وهو الذي لا جوف له وهذا تشبيه وكفر بالله تعالى . وقوله { لم يلد } نفي منه تعالى لكونه والد إله ولد . وقوله { ولم يولد } نفي لكونه مولود إله والد ، لأن ذلك من صفات الاجسام وفيه ردّ على من قال : إن عزيز والمسيح أبناء الله تعالى ، وإن الملائكة بنات الله . وقوله { ولم يكن له كفواً أحد } نفي من الله تعالى أن يكون له مثل أو شبيه او نظير ، والكفو والكفاء والكفي واحد ، وهو المثل والنظير ، قال النابغة : @ لا تقذفني بركن لا كفاء له ولو تأثفك الاعداء بالرفد @@ و { أحد } مرفوع لأنه اسم ( كان ) و { كفواً } نصب ، لانه نعت نكرة متقدمة ، كما تقول : عندي ظريفاً غلام ، تريد عندي غلام ظريف ، فلما قدمت النعت على المنعوت نصبته على الحال - فى قول البصريين - وعلى الظرف فى قول الكوفيين - والتقدير في الآية ولم يكن له كفواً ، وأخص منه ولم يكن أحد كفواً له ، وإنما قدم الظرف الملغى مع أن تأخير الملغى أحسن في الكلام لانه أفضل بذكر الأنبه الأعرف ، كما يتقدم الظرف الذي هو خبر وموضعه التأخير لهذه العلة في مثل قولهم : لزيد مال وله عبد . ولا حي من الاحياء إلا وله مثل إلا الله تعالى ، فلذلك قال { ولم يكن له كفواً أحد } وروي أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقف عند آخر كل آية من هذه السورة ، وكذلك كان يقرأ ابن مجاهد في الصلاة ابتداء .