Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 113, Ayat: 1-5)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى قتيبة إمالة { حاسد } . هذا أمر من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله ومتوجه إلى جميع الخلق المكلفين بان يستعيذوا من شر ما خلق ، فالفلق الصبح - في قول ابن عباس والحسن وسعيد ابن جبير وجابر ومجاهد وقتادة وابن زيد - وفي رواية عن ابن عباس : إن الفلق الخلق . وقال قوم من أهل اللغة : الفلق الخلق ، لأنه مفلوق . ومنه { فالق الإصباح } و { فالق الحب والنوى } وقيل للداهية فلقة ، لانها تفلق الظهر وأصل الفلق الفرق الواسع من قولهم : فلق رأسه بالسيف يفلقه فلقاً إذا فرقه فرقاً واسعاً . ويقال : أبين من فلق الصبح ، لأن عموده ينفلق بالضياء عن وفرق الصبح الظلام . وقيل له فجر لانفجاره بذهاب ظلامه . وقوله { من شر ما خلق } عام في جميع ما خلقه الله فأنه ينبغى أن يستعاذ من شره ممن يجوز أن يحصل منه الشر ، وقيل : المراد من شر الاشياء التي خلقها مثل السباع والهوام والشياطين وغير ذلك . وقوله { ومن شر غاسق إذا وقب } قال ابن عباس والحسن ومجاهد : من شر الليل إذا دخل بظلامه ، وقيل : الغاسق كل هاجم بضرر كائناً ما كان ، فالغاسق في اللغة هو الهاجم بضرره ، وهو هنا الليل ، لانه يخرج السباع من آجامها والهوام من مكامنها ، وأصله الجريان بالضرر من قولهم : غسقت القرحة إذا جرى صديدها . والغساق صديد أهل النار لسيلانه بالعذاب ، وغسقت عينه غسقاناً إذا جرى دمعها بالضرر في الخلق . والليل غاسق لجريانه بالضرر في اخراج السباع وقال كعب : الغسق بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حرّه ، ومعنى { وقب } دخل ، وقب يقب وقوباً إذا دخل . ومنه الوقبة النقرة ، لأنه يدخل فيها . وقوله { ومن شر النفاثات في العقد } قال الحسن وقتادة : يعني السحرة الذين كل ما عقدوا عقداً نفثوا فيه ، وهو شبيه بالنفخ ، فأما الثفل فنفخ بريق ، فهذا الفرق بين النفث والتفل ، قال الفرزدق : @ هما نفثا في فيّ من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام @@ وقيل في شر النفاثات قولان : أحدهما - إيهامهم أنهم يمرضون ويعافون ، ويجوز ذلك مما يخيل رأي الانسان من غير حقيقة لما يدعون من الحيلة بالاطعمة الضارة والامور المفسدة . الثاني - أنه بضرب من خدمة الجن يمتحن الله تعالى بتخليتهم بعض الناس دون بعض . ولا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله سحر على ما رواه القصاص الجهال ، لأن من يوصف بأنه مسحور ، فقد خبل عقله . وقد أنكر الله تعالى ذلك فى قوله { وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً } ولكن قد يجوز أن يكون بعض اليهود اجتهد في ذلك فلم يقدر عليه ، فأطلع الله نبيه على ما فعله حتى استخرج ما فعلوه من التمويه ، وكان دلالة على صدقه ومعجزة له . وقوله { ومن شر حاسد إذا حسد } فالحاسد هو الذي يتمنى زوال النعمة عن صاحبها ، وإن لم يردها لنفسه . والغبطة أن يريد من النعمة لنفسه مثل ما لصاحبه وأن لم يرد زوالها عنه ، فالغبطة محمودة والحسد مذموم . وفي السورة ما يستدفع به الشرور باذن الله على تلاوة ذلك بالاخلاص فيه ، والاتباع لأمر الله . وكان النبي صلى الله عليه وآله كثيراً ما يعوّذ به الحسن والحسين وبهاتين السورتين . وقيل إن اللواتي سحرن النبي صلى الله عليه وآله بنات لبيد بن أعصم اليهودي ، سحرنه في أحدى عشرة عقدة ، فأنزل الله تعالى السورتين ، وهما أحدى عشرة آية فحل بكل آية عقدة .