Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 21-21)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اخبر الله تعالى عن من اشترى يوسف ( ع ) من بايعه من أَهل مصر أنه قال : لامرأته حين حمله اليها { أكرمي مثواه } يعني موضع مقامه ، وانما امرها باكرام مثواه دون اكرامه في نفسه ، لان من أُكرم غيره لاجله كان اعظم منزلة ممن يكرم في نفسه فقط ، والاكرام اعطاء المراد على جهة الاعظام ، وهو يتعاظم فأعلاه منزلة ما يستحق بالنبوة ، وادناه ما يُستحق لخصلة من الطاعة أَدناها كإِماطة الاذى من الطريق وغيره . وقوله { عسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولداً } ، بين أَنه إِنما يأمرها باكرامه لما يرجو من الانتفاع به فيما بعد أو للتبني به . وقال ابن مسعود : احسن الناس فراسة ثلاثة : العزيز حين قال لامرأته { أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا } وابنة شعيب حين قالت في موسى { يا أَبت استأجره } وأَبو بكر حين ولى عمر . وقوله { وكذلك مكنا ليوسف في الأرض } ووجه التشبيه فيه انه تعالى شبه التمكين له في الارض بالتوفيق للاسباب التي صار بها الى ما صار بالنجاة من الهلاك والاخراج الى اجلّ حال . وقوله { ولنعلمه من تأويل الأحاديث } اللام فيه محمولة على تقدير دبرنا ذلك لنمكنه في الارض ، ولنعلمه من تأويل الاحاديث . وقوله { والله غالب على أمره } معناه أَنه قادر عليه من غير مانع حتى يقع ما أَراد ، ومنه وقوع المقهور بالغلبة في الذلة . وقيل غالب على امر يوسف يدبره ويحوطه . وقوله { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } اخبار منه تعالى ان اكثر الخلق غير عالمين بحسن تدبير الله لخلقه ، وما يجريه اليهم من مصالحهم وانه قادر لا يغالب ؛ بل هم جاهلون بتوحيده ، ولا يدل ذلك على ان من فعل ما كرهه الله يكون قد غالب الله ، لان المراد بذلك ما قلناه من انه غالب على ما يريد فعله بعباده . فاما ما يريده على وجه الاختيار منهم فلا يدل على ذلك ، ولذلك لا يقال إن اليهودي المقعد قد غلب الخليفة حيث لم يفعل ما اراده الخليفة من الايمان ، وفعل ما كرهه من اليهودية وهذا واضح .