Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 31-31)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابو عمرو ونافع في رواية الأصمعي عنه { حاشا } بألف . الباقون بلا الف ، فمن حجة أبي عمرو ، قال الشاعر : @ حاشى ابي ثوبان إن به ضنَّاً عن الملحاة والشَّتم @@ قال ابو علي الفارسي لا يخلوا قولهم : حاش لله من ان يكون الحرف الجار في الاستثناء ، كما ذكرناه في البيت أو فاعل من قولهم : حاشى يحاشي ، ولا يجوز ان يكون حرف الجر لأن حرف الجر لا يدخل على مثله ، ولأن الحروف لا تحذف اذا لم يكن فيها تضعيف ، فاذا بطل ذلك ثبت انها فاعل مأخوذاً من الحشا الذي هو الناحية . والمعنى انه صار في حشاء اي ناحية مما قذف به ، وفاعله يوسف ، والمعنى بعد عن هذا الذي رمي به { لله } اي لخوفه من الله ، ومراقبة امره . ومن حذف الالف ، فكما حذف لم يك ، ولا أدر ، فاذا أريد به حرف الجر يقال حاشا ، وحاش ، وحشا ، ثلاث لغات قال الشاعر : @ حشا رهط النبي فان فيهم بحوراً لا تكدرها الدّلاء @@ حكى الله تعالى عن امرأة العزير انها حين سمعت قول نسوة المدينة فيها وعذلهنّ اياها ، ومكرهنَّ بها . وقيل انهن مكرن بها لتريهن يوسف ، فلما اطلعتهن على ذلك أشعن خبرها ، والمكر الفتل بالحيلة الى ما يراد من الطلبة يقال : هي ممكورة الساقين بمعنى مفتولة الساقين ، وممكورة البدن أي ملتفَّة { أرسلت إليهن } أي بعثت اليهن تدعوهن الى دعوتها . وقوله { وأعتدت لهن متكئاً } معناه اعدَّت ، ومعناه اتخذت من العتاد ، وقولهم : اعتدت من العدوان ، والألف فيه ألف وصل ، والمتكأ الوسادة ، وهو النمرق الذي يتكأ عليه . وقال قوم : انه الاترج . وانكر ذلك ابو عبيدة . وقوله { وآتت كل واحدة منهن سكّيناً } قيل انها قدمت اليهن فاكهة وأعطتهن سكّيناً ليقطعن الفاكهة ، فلما رأينه - يعني يوسف - دهشن { وقطعن أيديهن } وقوله { أكبرنه } أي أَعظمنه وأجللنه . وقال قوم : معنى ذلك انهن حضن حين رأينه وأنشد قول الشاعر : @ يأتي النساء على اطهارهنَّ ولا يأتي النساء اذا اكبرن اكبارا @@ وانكر ذلك ابو عبيدة ، وقال : ذلك لا يعرف في اللغة ، لكن يجوز ان يكون من شدة ما أعظمنه حضن ، والبيت مصنوع لا يعرفه العلماء بالشعر . وقوله { حاش لله } تنزيه له عن حال البشر ، وانه لا يجوز ان تكون هذه صورة للبشر ، وانما هو ملك كريم . وقال الجبائي : فيه دلالة على تفضيل الملائكة على البشر لانه خرج مخرج التعظيم ، ولم ينكره الله تعالى ، وهذا ليس بشيء ، لأن الله تعالى حكى عن النساء انهن أعظمن يوسف ، لما رأين من وقاره وسكونه وبعده عن السوء . وقلن : ليس هذا بشراً ، بل هو ملك يريدون في سكونه ، ولم يقصدن كثرة ثوابه على ثواب البشر ، وكيف يقصدنه ، وهن لا طريق لهن الى معرفة ذلك ، على ان هذا من قول النسوة اللاتي وقع منهن من الخطأ والميل اليه ما لا يجوز ان يحتج بقولهن . وقوله لم ينكره الله ، انما لم ينكره ، لأنه تعالى علم انهن لم يقصدن ما قال الجبائي ، ولو كن قصدنه لأنكره ، على أن ظاهر الكلام انهن نفين ان يكون يوسف من البشر ، وفيه قطع على انه ملك ، وهذا كذب ، ولم ينكره الله . والوجه فيه انهن لم يقصدن الاخبار بذلك عن حاله ، وانما اخبرن بتشبيه حاله فيما قلناه بحال الملائكة ، فلذلك لم ينكره الله . وقوله { ما هذا بشراً } نصب بشراً على مذهب اهل الحجاز في اعمال ( ما ) عمل ليس ، فيرفعون بها الاسم ، وينصبون الخبر ، فأما بنو تميم ، فلا يعلونها قال الشاعر : @ لشتّان ما أنوي وينوي بنو أبي جميعاً فما هذان مستويان تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى وكل فتى والموت يلتقيان @@ وقد قرىء { ما هذا بشرى } أي ليس بمملوك ، وهو شاذ ، لا يقرأ به . وقرىء { متكأ } بتسكين التاء . قال مجاهد : معنا الا ترج ، وقال قتادة : معناه طعاماً ، وبه قال عكرمة وابن اسحق وابن زيد والضحّاك ، وقال مجاهد ، وغيره : اعطي يوسف نصف الحسن ، وقيل ثلثه . وقيل ثلثاه . والباقي لجميع الخلق .