Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 33-33)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اخبر الله تعالى عن يوسف انه لما سمع وعيد المرأة له بالحبس والصغار ان لم يجبها الى ما تريده ، قال يا { رب السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه } من ركوب الفاحشة ، وانما جاز ان يقول السجن أحب اليَّ من ذلك ، وهو لا يحب ما يدعونه اليه ، ولا يريده ، ولا يريد السجن ايضاً ، لأنه ان اريد به المكان فذلك لا يراد ، وان اريد به المصدر ، فهو معصية منهي عنها ، فلا يجوز ان يريده لأمرين : احدهما - ان ذلك على وجه التقدير ، ومعناه اني لو كنت مما اريد لكانت ارادتي لهذا أشد . الثاني - ان المراد ان توطين نفسي على السجن أحب اليَّ . وقيل معناه ان السجن أسهل عليَّ مما يدعونني اليه . وقرأ الحسن { السجن } بفتح السين واراد المصدر ، وبه قرأ يعقوب ، وتأويله ما قلناه . والدعاء طلب الفعل من المدعو وصيغته صيغة الامر إلا ان الدعاء لمن فوقك والأمر لمن دونك . وقوله { إلا تصرف عني كيدهنَّ } معناه ضرر كيدهن ، لان كيدهن قد وقع ، والصرف نفي الشيء عن غيره بضده او بأن لا يفعل ، وصورته كصورة النهي إلا ان النهي مع الزجر لمن هو دونك ، وليس كذلك الصرف ( والصبا ) رقة الهوى ، يقال صبا يصبو صباً فهو صاب ، فكأنه قيل أميل هواي اليهنَّ ، قال الشاعر : @ الى هند صبا قلبي وهند مثلها يصبي @@ وقال ايضاً : @ صبا صبوة بل لجَّ وهو لجوج وزالت له بالانعمين حدوج @@ وقوله { وأكن من الجاهلين } معناه وأكن ممن يستحق صفة الذم بالجهل ، لأنه بمنزلة من قد اعتقد الشيء على خلاف ما هو به ، وإلا فهو كان عالماً بأن ذلك معصية ، والغرض فيه بيان ان صفة الجهل من أغلظ صفة الذم . وقال البلخي والجبائي : في الآية دلالة على انه لا ينصرف احد عن معصية إلا بلطف الله عزَّ وجلَّ ، لأنه لو لم يعلم ذلك ، لما صح خبره به ، وليس في الآية ما يدل على ذلك ، بل فيها ما يدل على ان يوسف كان له لطف ، ولولاه لفعل المعصية ، وأما ان يدل على انه لا أحد ينتهي عن معصية إلا بلطف ، فلا ، بل ذلك مجوّز ، وليس فيها ما يمنع منه ، ويحتمل قوله { أصب إليهن } على لفظ الجمع اشياء : احدها - قال ابو علي الجبائي : ان كل واحدة منهن دعته الى مثل ما دعت اليه امرأة العزيز بدلالة هذا الكلام . وقال قوم : انهن قلن لها نحن نسأله ان يفعل ما دعوته اليه ، فخلت كل واحدة منهن به . ويحتمل ان يكون المراد أصب الى قولهن في الدعاء الى اجابة امرأة العزيز .