Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 56-56)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { نشاء } بالنون ابن كثير وحده . الباقون بالياء . من قرأ بالنون ، فعلى معنى ان يوسف يتبوّء من الارض حيث يشاء ، وطابق بينه وبين قوله { نصيب برحمتنا من نشاء } ، ويكون على احد معنيين : احدهما - ان تكون المشيئة اسندت اليه ، وهي ليوسف ، لما كانت بأمره وارادته كما قال { وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى } فأضاف الرمي الى الله ، لما كان بقدرته وارادته . والثاني - ان يكون الموضع المتبوء موضع نسك وعبادة او موضعاً يقام فيه الحق ، من أمر بمعروف ، او نهى عن منكر ، ويقوي النون قوله { نصيب برحمتنا من نشاء } . ومن قرأ بالياء حمله ، على انه يتبوء يوسف حيث يشاء هو نفسه . اخبر الله تعالى أنه كما لطف ليوسف حين اخرجه من السجن وخلصه من المهالك كذلك مكنه من التصرف ، والمقام في الارض حيث يشاء كيف يشاء ، وقال الجبائي : كان هذا التمكن ليوسف ثواباً من الله على طاعته واحسانه الذي تقدم منه في الدنيا . وقال غيره : ليس في ذلك دلالة على انه ثواب ، ويجوز أن يكون تفضلاً عليه بذلك من غير ان ينقص من ثوابه شيء ، والتمكين الاقدار بما يتسهل به الفعل من رفع الموانع وايجاد الالات والالطاف وغير ذلك مما يحتاج اليه في الفعل . والتبوء هو اتخاذ منزل يرجع اليه واصله الرجوع من { باؤا بغضب من الله } قال الشاعر : @ فان تكن القتلى بواء فانكم فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر @@ اي يرجع بدم بعضها على بعض ، فان هذا المقتول لا كفاء لدمه . وقوله { نصيب برحمتنا من نشاء } اخبار منه تعالى انه يفعل رحمته بمن يشاء من عباده على وجه التفضل عليهم والاحسان اليهم ، وانه لا يضيع اجر الذين يحسنون افعالهم ويفعلون ما أمرهم الله به على وجهه ، بل يثيبهم على ذلك . والاحسان على ثلاثة اوجه : احدها - ان يحسن الى غيره ، فذلك انعام . وثانيها - ان يحسن الى نفسه بأن ينفعها نفعاً حسناً . وثالثها - ان يفعل حسناً مبهماً لا يضيفه الى نفسه ولا الى غيره . واللام في قوله { مكنا ليوسف } يحتمل ان يكون مثل قوله { ردف لكم } و { للرؤيا تعبرون } بدلالة قوله { مكناهم فيما إن مكناكم فيه } وقوله { مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم } { ويتبوء } في موضع نصب على الحال .