Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 80-80)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخبر الله تعالى عن اخوة يوسف حين آيسوا من تسليم أخيهم اليهم ، فاليأس ضد الطمع ، يقال : يئس يأساً واستيأس استيئاساً ، فهو يائس ، ومستيئس ، وآيس يأس مثله . وقوله { خلصوا نجيّاً } أي انفردوا من غير أن يكون معهم غيرهم ممن ليس منهم ، وهذا من عجيب فصاحة القرآن الخارقة للعادة لأن بقوله { خلصوا } دل على ما قلناه من معنى الكلام الطويل . واصل الخلوص حصول الشيء من غير شائب فيه من غيره ، كخلوص الذهب من الشئاب ، وسمي الخلاص لذلك ، وقوله { نجيّاً } مصدر يدل بلفظه على القليل والكثير ، والواحد والجمع . والنجوى مثله ، ولذلك قال تعالى في الواحد { وقربناه نجيّاً } وفي الجمع { خلصوا نجياً } قال الشاعر : @ إني اذا ما القوم كانوا أَنجيه واضطرب القوم اضطراب الارشيه هناك أوصيني ولا توصي بيه @@ والمناجاة رفع المعنى من كل واحد الى صاحبه على وجه خفي . واصل النجو الارتفاع من الارض والمناجاة المسارة ونجي جمعه أنجية ، وهم يتناجون . و { قال كبيرهم } يعني اكبرهم ، وقال قتادة وابن اسحاق : هو روبيل ، فانه كان اكبرهم سناً . وقال مجاهد : هو شمعون ، وكان اكبرهم عقلاً وعلماً دون السن . والأول أليق بالكلام والظاهر : { ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقاً من الله } يعني أما علمتم أن أباكم قد حلفكم واقسمتم له بالله في حفظ أخيكم ، وقبل هذا ما فرطتم في يوسف أي قصرتم في حفظه . واصل التفريط التقديم من قوله صلى الله عليه وسلم " انا فرطكم على الحوض " أي متقدمكم . والموثق والايثاق : العهد الوثيق و ( ما ) في قوله { ما فرطتم } يحتمل ثلاثة اوجه من الاعراب : احدها - ان تكون منصوبة بـ { تعلموا } ، كأنه قال ألم تعلموا تفريطكم في يوسف . الثاني - رفع بالابتداء والخبر { من قبل } . الثالث - ان تكون صلة لا موضع لها من الاعراب ، لأنها لم تقع موقع اسم معرب . وقوله { فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي } لست أقوم من موضعي الا أن { يأذن لي أبي أو يحكم الله } اي الى ان يحكم الله . وقيل معناه بمجازاة أو غيرهما مما أردّ به أخي ابن يامين على ابيه ، وكانوا تناجوا بمحاربته فلم يتفقوا على ذلك خوفاً من غمّ أبيهم بأن يقتل بعضهم في الحرب وقوله { وهو خير الحاكمين } اخبار من هذا القائل بأنه تعالى خير الحاكمين والفاصلين ، واعتراف منه برد الامر الى الله تعالى .