Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 39-39)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وجه اتصال هذه الآية بما تقدم هو أنه لما قال { لكل أجل كتاب } اقتضى ان يدخل فيه اعمال العباد ، فبين ان الله يمحو ما يشاء ، ويثبت ، لئلا يتوهم ان المعصية مثبتة بعد التوبة ، كما هي قبل التوبة . وقيل : ان مما يمحا ويثبت الناسخ والمنسوخ . وقيل يمحو ما يشاء ، ويثبت ، مما يثبته الملكان ، لأنه لا يثبت الا الطاعات والمعاصي دون المباحات . وقيل معناه يمحو ما يشاء من معاصي من يريد التفضل عليه باسقاط عقابه ، ويثبت معاصي من يريد عقابه . والحسنة يثبتها الله قبل فعلها ، بمعنى أنهم سيعملونها ، فاذا عملوها أثبتها بأنهم عملوها ، فلذلك أثبت في الحالين ، والوجه في اثباته ما يكون فيه من المصلحة والاعتبار لمن يفكر فيه بأن ما يحدث ، على كثرته وعظمه ، قد أحصاه الله وكتبه ، وذلك لا سبيل اليه الا من جهة علام الغيوب الذى يعلم ما يكون قبل أن يكون ، واعتبار المشاهدة له من الملائكة إِذا قابل ما يكون بما هو مكتوب ، مع أنه أهول في الصدور ، وأعظم في النفوس مما يتصور معه ، حتى كان المفكر فيه مشاهد له . و ( المحو ) إِذهاب أثر الكتابة محاه يمحوه محواً وإِمحاء أيضاً ، وأمَّحا إمّحاء وامتحا امتحاء . والاثبات الاخبار بوجود الشيء ، ونقيضه النفي ، وهو الاخبار بعدم الشيء . وقال ابن عباس ومجاهد : إنه تعالى لا يمحو الشقاء والسعادة ، وهذا مطابق لقول اصحاب الوعيد . وقال عمر بن الخطاب ، وابن مسعود : هما يمحيان مثل سائر الأشياء ، وهذا مطابق لقول المرجئة من وجه . وقوله { وعنده أم الكتاب } معناه أصل الكتاب ، لانه يكتب أولاً : سيكون كذا وكذا ، لكل ما يكون ، فاذا وقع كتب أنه قد كان ما قيل أنه سيكون . وقيل : أصل الكتاب ، لان الكتب التي أنزلت على الانباء منه نسخت وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ، وعاصم و { يثبت } خفيفة . الباقون مشدَّدة . قال أبو علي : المعنى يمحو الله ما يشاء ويثبته ، فاستغني بتعدية الاول من الفعلين عن تعدية الثاني ، كما قال { والحافظين فروجهم والحافظات } وزعم سيبويه أن من العرب من يعمل الاول من الفعلين ، ولا يعمل الثاني في شيء ، كقولهم متى رأيت أو قلت زيداً منطلقاً ، قال الشاعر : @ بأي كتاب ام بأية سنة ترى حبهم عاراً عليّ وتحسب @@ فلم يعمل الثاني . وقالوا { أم الكتاب } هو الذكر المذكور في قوله { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذِّكر } قال فحجة من شدّد قوله { وأشدّ تثبيتاً } وقرأ { ويثبّت } لان تثبيت مطاوع ثبت وحجة من قال بالتخفيف ما روي عن عائشة : أنه كان إِذا صلى صلاة أثبتها ، قال : وثابت مطاوع ثبت ، كما أن يثبت مطاوع ثبت .