Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 34-38)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب من الله تعالى لابليس لما احتج لامتناعه من السجود لادم بما ليس بحجة ، بل هو حجة عليه ، فاخرج منها . قال الجبائي : أمره بالخروج من الجنة . وقال غيره أمره بالخروج من السماء . { فإنك رجيم } أي مرجوم بالذم والشتم ( فعيل ) بمعنى مفعول . وقد يكون ( فعيل ) بمعنى فاعل مثل رحيم بمعنى راحم . { وإن عليك اللعنة } اي عليك مع ذلك اللعنة ، وهي الابعاد من رحمة الله ، ولذلك لا يجوز ان تلعن بهيمة ، فأما لعن إِبليس الى يوم الدين ، فإِن الله قد لعنه ، والمؤمنون لعنوه لعنة لازمة الى يوم الدين ، وهو يوم القيامة . ثم يحصل بعد ذلك على الجزاء بعذاب النار . وقيل الدين - ها هنا - الجزاء ، ومثله { مالك يوم الدين } اي يوم الجزاء . ويقال لفلان دين اي طاعة يستحق بها الجزاء ، وفلان يدين للملوك أي يدخل في عادتهم في الجزاء ، فقال حينئذ ابليس : يا رب { فأنظرني إلى يوم يبعثون } اي أخر في وقتي الى يوم يحشرون ، يعني القيامة ، يحشرهم الله للجزاء . والانظار والامهال واحد ، فقال الله تعالى له : اني انظرتك وأخرتك وجعلتك من جملة { المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم } فقال قوم : هو يوم القيامة ، أنظره الله في رفع العذاب عنه الى يوم القيامة ، وفي التبقية الى آخر أحوال التكليف { ويوم يبعثون } يوم القيامة . وقد قيل : إِن يوم الوقت المعلوم هو آخر أيام التكليف ، وأنه سأل الانظار الى يوم القيامة ، لأن لا يموت ، اذ يوم القيامة لا يموت فيه احد ، فلم يجبه الله الى ذلك . وقيل له { إلى يوم الوقت المعلوم } الذي هو آخر ايام التكليف . وقال البلخي : اراد بذلك الى يوم الوقت المعلوم ، الذي قدر الله أجله فيه ، وهو معلوم ، لأنه لا يجوز ان يقول تعالى لمكلف اني ابقيك الى يوم معين لان في ذلك اغراء له بالقبيح . واختلفوا في تجويز ، إِجابة دعاء الكافر ، فقال الجبائي : لا يجوز ، لان اجابة الدعاء ثواب ، لما فيه من اجلال الداعي باجابته الى ما سأل . وقال ابن الاخشاد : يجوز ذلك ، لأن الاجابة كالنعمة في احتمالها ان تكون ثواباً وغير ثواب ، لانه قد يحسن منا ان نجيب الكافر الى ما سأل استصلاحاً له ولغيره ، فأما قولهم : فلان مجاب الدعوة ، فهذه صفة مبالغة لا تصح لمن كانت إِجابته نادرة من الكفار .