Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 101-102)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ الكسائي وحده { لقد علمتُ } بضم التاء . الباقون بفتحها . حجة من فتح أَنه قال : إِن فرعون وملأه ممن تبعه قد علموا صحة أمر موسى وأن ما أتى به ليس بسحر بدلالة قوله { لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك } وقوله { فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين . وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً } وقولهم { يا أيها الساحر ادع لنا ربك } ومن قرأ بضم التاء فمن علم موسى . فان قيل له كيف يصح الاحتجاج عليهم بعلمه ، وعلمه لا يكون حجة على فرعون وملائه ؛ وانما يكون علم فرعون ما علمه من صحة أمر موسى حجة عليه ؟ . نقول : إِنه لما قيل له { إِن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } كان ذلك قدحاً في علمه ، لأن المجنون لا يعلم ، فكأنه نفى ذلك ، فقال لقد علمت صحة ما أتيت به ، وأَنه ليس بسحر ، علماً صحيحاً كعلم العقلاء ، فصارت الحجة عليه من هذا الوجه . ورويت هذه القراءة عن أمير المؤمنين ( ع ) يقول الله تعالى مخبراً عمّا أَعطى موسى من الآيات وذكر أَنها تسع آيات معجزات بينات ظاهرات دالات على صحة نبوتة . واختلفوا في هذه التسع : فقال ابن عباس والضحاك : هي يد موسى ، وعصاه ، ولسانه ، والبحر ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم { آيات مفصلات } . وقال محمد ابن كعب القرطي : الجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، والبحر ، وعصاه والطمسة ، والحجر . والطمسة دعاء موسى وتأمين هرون ، فقال الله تعالى { قد أجيبت دعوتكما } وفي رواية عكرمة عن ابن عباس ، ومطر الوراق : الطوفان والجراد ، والقمل ، والضفادع , والدم ، والعصا ، واليد ، والسنون ، ونقص من الثمرات . وبه قال الشعبي ومجاهد . وقال الحسن مثل ذلك ، غير أَنه جعل الأخذ بالسنين ونقص الثمرات آية واحدة . وجعل التاسعة تلقف العصا ما يأفكون . وقال صفوان ابن عسال : سأل يهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التسع آيات ، فقال : " هن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرمها الله الا بالحق ، ولا تمشوا ببريء إِلى السلطان يقتله ، ولا تسحروا ، ولا تأكلوا الربو ، ولا تقذفوا المحصنة ، ولا تولوا الفرار يوم الزحف ، وعليكم خاصة يا يهود أن لا تعتدوا في السبت " فقبل يده ، وقال أشهد أَنك نبيُّ الله . وقوله { فاسأل بني إسرائيل } أمر النبي أن يسأل بني إِسرائيل { إذ جاءهم موسى } . وقال الحسن عن ابن عباس ، قال : معناه سؤالك إِياهم ، نظرك في القرآن . وروي عن ابن عباس أَنه كان يقرأ { فاسأل بني إسرائيل } يعني فسأل موسى فرعون بني إِسرائيل أَن يرسلهم معه . وقوله { فقال له فرعون } حكاية عما قال فرعون لموسى { إِني لأظنك يا موسى مسحوراً } أي معطاً علم السحر بهذه العجائب التي تفعلها من سحرك ، وقد يجوز أن يكون المراد { إِني لأظنك يا موسى } ساحراً ، فوضع ( مفعول ) موضع ( فاعل ) ، مثل مشؤم وميمون موضع شائم ويامن . وقيل معناه : إِنك سحرت ، فانت تحمل نفسك على ما يقوله السحر الذي بك وقيل مسحور بمعنى مخدوع . وقوله { قال لقد علمت } حكاية عما أَجاب به موسى فرعون فإِنه قال { لقد علمت } يا فرعون أَنّ ما جئت به ليس بسحر وإِني صادق . ومن قرأ بضم التاء معناه إِنه لما قال له فرعون { إِني لأظنك يا موسى مسحوراً } قال له موسى { لقد علمت } اني لست كذلك وأنه ما أَنزل هذه الآيات { إِلا رب السماوات والأرض } الذي خلقهن وجعلهن { بصائر } أي حججاً واضحة واحدها بصيرة { وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً } اي ملعوناً ممنوعاً من الخير ، تقول العرب ما ثبرك عن هذا الأمر أَي ما منعك منه ، وما صرفك عنه ، وثبره الله ، فهو يثبِره ويثبُره لغتان . ورجل مثبور محبوس عن الخيرات . قال الشاعر : @ إِذا جارى الشيطان في سنن الغي فمن مال ميله مثبور @@ وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير ، وقال قوم : معناه مغلوباً ، روي ذلك عن ابن عباس في رواية أخرى ، وبه قال الضحاك . وقال مجاهد : هالكاً ، وبه قال قتادة . وقال عطية العوفي : مغيراً مبدلاً . وقال ابن زيد : معناه مخبولاً لا عقل له .