Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 49-51)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

حكى الله تعالى عن هؤلاء الكفار الذين أنكروا البعث ، والنشور ، والثواب والعقاب : أنهم يقولون { أإِذا كنا عظاماً } أي إِذا متنا وأنتثرت لحومنا وبقينا { عظاماً ورفاتاً } قال مجاهد : الرفات التراب . وبه قال الفراء وقال : لا واحد له من لفظه ، وهو بمنزلة الدقاق ، والحطام ، قال المبرد : كل شيء مدقوق مبالغ في دقه حتي انسحق ، فهو رفات ، يقال : رفت رفتاً ، فهو مرفوت إِذا صّير كالحطام . و ( إِذا ) في موضع نصب بفعل يدل عليه { لمبعوثون } وتقديره أنبعث { إِذا كنا عظاماً . ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً } وصورته صورة الاستفهام وإِنما هم منكرون لذلك متعجبون منه وكل ما تحطم وترضض يجيء أكثره على ( فعال ) مثل ( حطام ، ورضاض ودقاق وغبار وتراب ) والخلق الجديد : هو المجدد أي يبعثهم الله أحياء بعد أن كانوا أمواتاً ، أنكروا ذلك وتعجبوا منه ، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل } لهم { كونوا حجارة أو حديداً } أي لو كنتم حجارة أو حديداً بعد موتكم لأحياكم وحشركم ولم تفوتوا الله ، إِلاّ أنه خرج مخرج الأمر ، لأنه أبلغ في الإلزام ، كأن أكثر ما يكون منهم مطلوب حتى يروا أنه هين حقير { أو خلقاً مما يكبر في صدوركم } فقيل في معناه ثلاثة أقوال : قال مجاهد : السموات والأرض والجبال . وقال قتادة : أيُّ شيء استعظموه من الخلق . وقال ابن عباس . وسعيد بن جبير والفراء : انه الموت . قال الفراء قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كنا الموت من كان يميتنا ؟ ! فأنزل الله { أو خلقاً مما يكبر في صدوركم } يعني الموت نفسه اي ليبعث الله عليكم من يميتكم ثم يحييكم . { فسيقولون من يعيدنا } اخبار منه حكاية عن هؤلاء الكفار انهم يقولون من يعيدنا احياء ؟ فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم { قل الذي فطركم أوّل مرة } اي الذي خلقكم ابتداء يقدر على إِعادتكم ، لأن أبتداء الشيء اصعب من إِعادته ، كما قال { وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } وقال لما قالوا { من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } وإِنما قال لهم ذلك ، لانهم كانوا يقرون بالنشأة الأولى . وقوله { فسينغضون إليك رؤوسهم } معناه انهم إِذا سمعوا لهذا حركوا رؤوسهم مستبعدين لذلك . وقال ابن عباس يحركون رؤوسهم مستهزئين ، يقال : انغضت رأسي انغضه انغاضاً ، ونغض براسه ينغض نغضاً إِذا حركه والنغض تحريك الراس بارتفاع وانخفاض . ومنه قيل للظليم نغض ، لانه يحرك رأسه في مشيه بارتفاع وانخفأض قال العجاج : @ اصك نغضاً لا يني مستهدجاً @@ ونغضت سنه إِذا تحركت من اصلها قال الراجز : @ ونغضت من هرم اسنانها @@ وقال آخر : @ لما رأتني أنغضت لي الرأسا @@ { ويقولون } هؤلاء الكفار { متى هو } يعنون بعثهم وإِعادتهم أحياء فقال الله تعالى " قل " لهم يا محمد { عسى أن يكون قريباً } وعسى من الله واجبة ، وكل ما هو آت قريب ، ومن كلام الحسن انه قال : كأنك بالدنيا لم تكن وكأنك بالآخرة لم تزل .