Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 128-128)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روي في الشواذ عن عوف بن الاعرابي انه قرأ { مسلمين } على الجمع . وانما سألا الله تعالى أن يجعلهما مسلمين بمعنى : ان يفعل لهما من الالطاف ما يتمسكان معه بالاسلام في مستقبل عمرهما لان الاسلام كان حاصلا في وقت دعائهما ويجري ذلك مجرى احدنا ، اذا أدب ولده وعرّضه لذلك حتى صار أديباً جاز أن يقال : جعل ولده أديباً وعكس ذلك اذا عرضه للبلاء ، والفساد ، وجاز ان يقال : جعله ظالماً محتالاً فاسداً ويجوز ان يكونا قالا ذلك تعبداً كما قال تعالى : { ربّ احكم بالحق } . اللغة : والاسلام : هو الانقياد لامر الله تعالى بالخضوع ، والاقرار بجميع ما أوجب عليه . وهو والايمان واحد عندنا ، وعند اكثر المرجئة والمعتزلة . وفي الناس من قال : بينهما فرق ، وليس ذلك بصحيح ، لقوله { إن الدين عند الله الإسلام } . وقوله : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } وانما خصّا بالدعوة بعض الذرية في قوله : { ومن ذريتنا } ، لان ( من ) للتبعيض من حيث أن الله تعالى : كان أعلمه أن في ذريتهما من لا ينال العهد ، لكونه ظالماً . وقال السدي : إنما عنيا بذلك العرب . والاول هو الصحيح . وهو قول اكثر المفسرين . وقوله : { وأرنا مناسكنا } فالمناسك ها هنا المتعبدات قال الزجاج : كل متعبد منسك . وقال الجبائي : المناسك هي ما يتقرب به إلى الله من الهدى ، والذبح ، وغير ذلك من اعمال الحج والعمرة . وقال قتادة : أراهما الله مناسكهما الطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ، والافاضة عن عرفات والافاضة من جمع ورمي الجمار حتى أكمل الله الدين . فهذا القول أقوى لأنه العرف في معنى المناسك وقال عطا : مناسكنا مذابحنا . اللغة : والنسك في اللغة : العبادة . ورجل ناسك عابد ، وقد نسك نسكا . والنسك : الذبيحة يقال : من فعل كذا فعلية نسك ، اي دم يهريقه ، ومنه قوله : { أو نسك } اي دم واسم تلك الذبيحة : النسيكة والموضع الذي يذبح فيه المناسك والمنسك هو النسك نفسه . قال الله ( تعالى ) : { ولكل أمة جعلنا منسكا } ويقال : نسك ثوبه اي غسله وقال ابن دريد : النسك اصله ذبائح كانت تذبح في الجاهلية . والنسيكة : شاة كانوا يذبحونها في الحرم في الاسلام ، ثم نسخ ذلك بالاضاحي قال الشاعر : @ وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا @@ واصل الباب العبادة وقيل ان النسك الغسل . قال الشاعر : @ فلا ينبت المرعى سباخ عراعر ولو نسكت بالماء ستة اشهر @@ اي غسلت ذكره الحسين بن علي المغربي . قال : وليس بمعروف . وقوله : { وأرنا } يحتمل امرين : احدهما ان يكون من رؤية البصر . والآخر أن يكون من رؤية القلب بمعنى اعلمنا . قال حطائط بن جعفر @ اريني جوادا مات هزلا لعلني ارى ما ترين او بخيلا مخلدا @@ اي عرفني ومعنى قوله : { وتب علينا } اي ارجع علينا بالرحمة والمغفرة وليس فيه دلالة على جواز الصغيرة ، او فعل القبيح عليهم . ومن ادعى ذلك ، فقد ابطل . وقال قوم : معناه تب على ظلمة ذريتنا . وقيل : بل قالا : ذلك انقطاعا اليه " تعالى " تعبدا ليقتدى بهما فيه . وهو الذي نعتمده . و " التّواب " القابل للتوبة ها هنا واذا وصف به العبد ، فمعناه أنه فاعل التوبة دفعة بعد اخرى ، فيفيد المبالغة . فعلى مذهبنا اذا قلنا : قبل الله توبته اي تاب عليه معناه انه يستحق الثواب . واذا قلنا : تاب العبد من كبيرة مع الاقامة على كبيرة اخرى معناه عند من أجاز ذلك انه رفع العقاب بها على تلك الكبيرة التي تاب منها . وعندنا أنه يستحق بها الثواب ايضاً . وفي الآية دلالة على انه يحسن الدعاء بما يعلم الداعي أنه يكون لا محالة ، لانهما كانا عالمين بأنهما لا يفارقان الاسلام . ولا ياتيان الكبيرة . القراءة : والاختيار في " أرنا " كسر الراء وهي قراءة الجمهور ، لانها كسرة الهمزة حولت إلى الراء ، لأن اصله كان ارئنا ، فنقلت الكسرة إلى الراء وسقطت الهمزة ، فلا ينبغي أن تسكن ، لئلا تجحف بالكلمة وتبطل الدلالة على الهمزة . وقد سكنه ابن كثير . وفي بعض الروايات عن ابي عمر وعلى وجه التشبيه بما يسكن في مثل كبد وفخذ وقال الشاعر : @ لو عصر منه المسك والبان انعصر @@ وقال آخر :