Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 161-161)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : إن قبل : كيف يلعن الكافر كافراً مثله وهو الظاهر في قوله { والناس أجمعين } ؟ قيل عنه ثلاثة أجوبة : أولها - أنه يلعنه الناس أجمعون يوم القيامة كما قال تعالى { ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً } وهو قول ابي العالية . الثاني - قال السدي : انه لا يمتنع أحد من لعن الظالمين ، فيدخل في ذلك لعن الكافر لأنه ظالم . الثالث - يراد به لعن المؤمنين خصوصاً ، ولم يعتدّ بغيرهم كما يقال : المؤمنون هم الناس ، وهو قول قتادة والربيع ، هذا إذا حمل على أن اللعن في دار الدنيا ، لأن من المعلوم أن أهل ملة لا يلعن أهل ملة . القراءة : وحكي عن الحسن أنه قرأ { والملائكة } رفعاً ويكون ذلك على حمله على معنى يلعنهم الله والملائكة والناس أجمعون . كما تقول : عجبت من ضرب زيد ، وعمرو - بالرفع - وهذه قراءة شاذة لا يعول عليها لان المعتمد ما عليه الجمهور . ولا يجوز رفع { أجمعين } وحده ها هنا لأن هذه اللفظة لا تكون إلا تابعة ، وليس في الكلام مظهر ولا مضمر تتبعه على ذلك ، وإنما الحمل على المعنى بمنزلة إعادة معنى العامل الأوّل ؛ كأنك قلت : ويلعنهم الملائكة والناس أجمعون . المعنى : والكفر ما يستحق به العقاب الدائم عندنا ، وعند من خالفنا في دوام عقاب فساق أهل الصلاة انه ما يستحق به العقاب الدائم الكثير ، ويتعلق به أحكام مخصوصة ، وسواء كان الكفر في تشبيه الله تعالى بخلقه أو في تجريده في أفعاله أو الرد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو ما كان أعظم منه في القبح . واللعنة : الابعاد من الرحمة على ما بيناه مع ايجاب العقوبة ، ويجري ذلك من الناس على وجه الدعاء ، ومن الله على وجه الحكم ، وإنما قال : { وماتوا وهم كفار } وكل كافر ، فهو ملعون في حال كفره وإن لم يكن ممن يوافى بالكفر للدلالة على خلودهم في النار إذا ماتوا على غير توبة ، وقد دلَّ على ذلك ما بينه في الآية الثالثة ، وإنما أكد بأجمعين ليرتفع الاحتمال ، والايهام قبل أن ينظر في تحقيق الاستدلال ، ولهذا لم يجز الأخفش رأيت أحد الرجلين كليهما ، وأجاز رأيتهما كليهما ، لانك إذا ذكرت الحكم مقرونا بالدليل عليه ، أزلت الايهام للفساد ، وإذا ذكرته وحده فقد يتوهم عليك الغلط في المقصد بقولك : أحد الرجلين ، لما ذكرت التثنية وذكرت أحداً كنت بمنزلة من ذكر الحكم ، والدليل عليه فأمّا ذكر التثنية في رأيتهما ، فبمنزلة ذكر الحكم وحده . وواحد الناس إنسان في في المعنى ، فأما في اللفظ ، فلا واحد له ، وهو كنفر ، ورهط مما يقال : إنه اسم للجمع .