Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 165-165)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ نافع وابن عامر ، وأبو جعفر من طريق النهرواني " ولو ترى " بالتاء . الباقون بالياء . وقرأ أبوجعفر ، ويعقوب " إن القوة لله ، وإن الله " بكسر الهمزة فيهما . الباقون بفتحهما . وقرأ ابن عامر وحده " إذ يرون " بضم الياء . والباقون بفتحها . اللغة : الانداد ، والامثال ، والاشباه نظائر ، والانداد واحدها ندّ . وقيل الاضداد . وأصل النّد المثل المناوي والمراد به هنا قال قتادة ، والربيع ، ومجاهد ، وابن زيد . وأكثر المفسرين آلهتهم التي كانوا يعبدونها . وقال السدي : رؤساؤهم الذين يطيعونهم طاعة الارباب من الرجال . وقوله تعالى { يحبونهم } فالمحبة هي الارادة إلا ان فيها حذفاً ، وليس ذلك في الارادة فاذا قلت : أحب زيداً معناه أريد منافعه أو مدحه ، وإذا أحب الله تعالى عبداً فمعناه أنه يريد ثوابه وتعظيمه ، وإذا قال : أحب الله معناه أريد طاعته واتباع أوامره ، ولا يقال : أريد زيداً ، ولا أريد الله ولا إن الله يريد المؤمن ، فاعتيد الحذف في المحبة ، ولم يعتد في الارادة . وفي الناس من قال : المحبة ليست من جنس الارادة ، بل هي من جنس ميل الطبع ، كما تقولون : أحب ولدي أي يميل طبعي اليه وذلك مجاز ، بدلالة أنهم يقولون : أحببت أن أفعل بمعنى أردت أن أفعل . وضدّ الحب البغض . وتقول : أحبه حبّا ، وتحبب تحبباً ، وحببه تحبيباً ، وتحابا تحاباً . والمحبة : الحب . والحب واحده حبة من بر ، أو شعير ، أو عنب . أو ما أشبه ذلك . والحبة بزور البقل . وحبة القلب ثمرته . والحب : الجرة الضخمة . والحب القرط من حبة واحدة . وحباب الماء : فقاقيعه . والحباب الحبة . وأحب البعير إحباباً : إذا برك ، فلا يثور ، كالحران في الخيل ، قال أبوعبيدة : ومنه قوله تعالى { أحببت حب الخير عن ذكر أبي } أي لصقت بالأرض لحب الخير ، حتى تأتيني الصلاة . وأصل الباب : الحب ضد البغض . المعنى : وقوله : { كحب الله } قيل في هذه الاضافة ثلاثة أقوال : أحدها - كحبكم الله . والثاني - كحبهم الله . والثالث - كحب الله الواجب عليهم لا الواقع منهم ، كما قال الشاعر : @ فلستُ مسلماً ما دمت حياً على زيد بتسليم الأمير @@ أي مثل تسليمي على الامير . فان قيل : كيف يحب المشرك - الذي لا يعرف الله - شيئاً كحبه لله ؟ قلنا من قال : إن الكفار يعرفون الله قال : كحبه لله . ومن قال : هم لا يعرفون الله - على ما يقوله أصحاب الموافاة - قال : معناه كحب المؤمنين لله أو كالحب الواجب عليهم . وقوله تعالى : { والذين آمنوا أشد حباً لله } قيل في معناه قولان : أحدهما - { أشد حبّاً لله } للاخلاص له من الاشراك به . والثاني - لانهم عبدوا من يملك الضر والنفع ، والثواب ، والعقاب ، فهم أشد حباً لله بذلك ممن عبد الأوثان . الاعراب : ويجوز فتح { أن } من ثلاثة أوجه ، وكسرها من ثلاثة أوجه - مع القراءة بالياء - : أولها - يجوز فتحها بايقاع الفعل عليها بمعنى المصدر . وتقديره { ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب } قوة الله وشدة عذابه . الثاني - أن يفتح على حذف اللام كقولك : لأن القوة لله . الثالث - على تقدير لرأوا أن القوة لله ، على الاتصال بما حذف من الجواب . والأول من الكسر على الاستئناف . الثاني - على الحكاية مما حذف من الجواب كأنه قيل : لقالوا إن القوة لله جميعاً . الثالث - على الاتصال مما حذف من الحال ، كقولك : يقولون : إن القوة لله . ومن قرأ بالتاء ، يجوز ايضاً في الفتح ثلاثة أوجه . وفي الكسر ثلاثة أوجه : أول الفتح - على البدل ، كقولك : ولو ترى الذين ظلموا أن القوة لله عليهم ، وهو معنى قول الفراء . الثاني - لأن القوة لله . الثالث - أرأيت أن القوة لله . قال أبو علي الفارسي : من قرأ بالتاء لا يجوز أن تنصب أن إلا بالفعل المحذوف - في الجواب . وأما البدل فلا يجوز ، لأنها ليست { الذين ظلموا } ولا بعضهم ولا مشتملة عليهم ، هذا إن جعل الرؤية من رؤية البصر . وإن جعلها من رؤية القلب ، فلا يجوز ايضاً ، لأن المفعول الثاني في هذا الباب هو الأول في المعنى , وقوله تعالى : { إن القوة لله } لا يكون الذين ظلموا ، فلم يبق بعد ذلك إلا أنه ينتصب بفعل محذوف . والكسر مع التاء مثل الكسر مع الياء . واختار الفراء - مع الياء - الفتح ، ومع التاء الكسر ، لأن الرؤية قد وقعت على الذين ، وجواب لو محذوف ، كأنه قيل : لرأوا مضرة اتخاذهم للأنداد ، ولرأوا أمراً عظيما لا يحصر بالاوهام . وحذف الجواب ، يدل على المبالغة ، كقولك : لو رأيت السياط تأخذ فلاناً . والضمير في قوله { يتخذ } عائد على لفظ من . وفي قوله يحبونهم على معنى من ، لأن من مبهم ، فمرة يحمل الكلام منها على اللفظ ، وأخرى على المعنى ، كما قال : { ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً } بالتاء ، والياء - حملا لمن على اللفظ والمعنى . واتصلت الآية بما قبلها اتصال انكار ، كأنه قال : أبعد هذا البيان والأدلة القاهرة على وحدانيته ، يتخذون الأنداد من دون الله . ومن قرأ قوله { ولو ترى } - بالتاء - جعل الخطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمراد به غيره ، كما قال : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } والذين على هذا في موضع نصب . ومن قرأ بالياء يكون الذين في موضع رفع بأنهم الفاعلون . وقوله { جميعاً } نصب على الحال ؛ كأنه قيل : إن القوة لله ثابته لله في حال اجتماعها . وهي صفة مبالغة بمعنى إذا رأوا مقدورات الله فيما تقدم الوعيد به ، علموا أن الله قادر لا يعجزه شيء . والشدة قوة العقد ، وهو ضد الرخاوة . والقوة والقدرة واحد . و { ترى } في قوله تعالى : { ولو ترى } من رؤية العين بدلالة أنها تعدت الى مفعول واحد ، لان التقدير ولو ترون أن القوة لله جميعاً أي ولو يرى الكفار ذلك . ومن قرأ - بالتاء - يقوى انها المتعدية الى مفعول واحد ، ويدل على ذلك ايضاً قوله { إذ يرون العذاب } ، وقوله : { وإذا رأى الذين ظلموا العذاب } { فلا يخفف عنهم } ، فتعدى الى مفعول واحد . فان قيل : كيف قال : { ولو يرى الذين ظلموا } وهو أمر مستقبل ، وإذ لما مضى ؟ قيل : إنما جاء على لفظ المضي لأرادة التقريب في ذلك ، كما جاء { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } وعلى هذا جاء في هذا المعنى أمثلة الماضي كقوله : { ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة } هكذا ذكره أبو علي الفارسي قال : وعلى هذا المعنى جاء في مواضع كثيرة في القرآن ، كقوله تعالى { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } { ولو ترى إذ وقفوا على النار } { ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم } { ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت } { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة } كذلك هذه الآية .