Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 199-199)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : قيل في معنى هذه الآية قولان : أحدهما - قال ابن عباس ، وعائشة ، وعطا ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، والربيع ، وهو المروي عن أبي جعفر ( ع ) : أنه أمر لقريش وخلفائهم ، لأنهم كانوا لا يقفون مع الناس بعرفة ، ولا يفيضون منها ، ويقولون : نحن أهل حرم الله لا نخرج عنه ، فكانوا يقفون بجمع ويفيضون منه ، دون عرفة ، فأمرهم الله تعالى أن يفيضوا من عرفة بعد الوقوف بها . والثاني - قال الضحاك ، والجبائي وحكاه المبرد ، لكنه اختار الأول ، لأنه خطاب لجميع الحاج أن يفيضوا من حيث أفاض إبراهيم ( ع ) من المزدلفة . والأول إجماع ، وهذا شاذ ، وليس لأحد أن يقول على الوجه الآخر : كيف يقال لابراهيم وحده الناس ، وذلك أن هذا جائر كما قال : { الذين قال لهم الناس } وإنما كان واحداً بلا خلاف : وهو نعيم بن مسعود الاشجعي ، وذلك مستعمل . وقيل إن إبراهيم لما كان إماماً ، كان بمنزلة الأمّة التي تتبع في سنة . فان قيل : إذا كانت { ثم } للترتيب ، فما معنى الترتيب ها هنا ؟ قلنا : الذي رواه أصحابنا أن ها هنا تقديماً ، وتأخيراً . وتقديره { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم } { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } { فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام } { واستغفروا الله إن الله غفور رحيم } . وقال قوم : المعنى { ثم أفيضوا } من المزدلفة . والذي أجاب به المتأوّلون : أن قالوا : رتبت الافاضة بعد المعنى الذي دل الكلام الأول عليه ، كأنه قيل : أحرموا بالحج على ما بين لكم { ثم أفيضوا } يا معشر قريش { من حيث أفاض الناس } بعد الوقوف بعرفة . وهذا قريب مما قلناه . وإنما عدل الذي تأوّله على الافاضة من المزدلفة ، لأنه رآه بعد قوله ، فاذا أفضتم من عرفات ، قال : فأمروا أن يفيضوا من المزدلفة بعد الوقوف بها ، كما أمروا في عرفة ، وقد بينا ترتيب الكلام في التأويل المختار . والاستغفار هو طلب المغفرة ، كما أن الاستخبار : طلب السؤال . والمغفرة : التغطية للذنب بايجاب المثوبة . وقيل في معنى الاستغفار قولان : أحدهما - الحض عليه في تلك المواطن الشريفة ، لأنها خليقة بالاجابة . الثاني - استغفروه لما سلف من مخالفتكم في الوقوف والافاضة ، كما سنّه الله تعالى للناس عامة . والفرق بين غفور وغافر أن في غفور مبالغة لكثرة المغفرة ، فأما غافر ، فيستحق الصفة فيه بوقوع الغفران . والعفو هو المغفرة . وقد فرق بينهما بأن العفو ترك العقاب على الذنب ، والمغفرة تغطية الذنب بايجاب المثوبة . ولذلك كثرت المغفرة في صفات الله تعالى , دون صفات العباد ، فلا يقال : استغفر السلطان كما يقال : استغفروا الله .