Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 205-205)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

في قوله تعالى : { وإذا تولى } ضمير عمن تقدم ذكره وهو { من يعجبك قوله في الحياة الدنيا } والتوّلي : هو الانحراف ، والزوال عن الشيء الى خلاف جهته . والسعي هو الاسراع في المشي وقيل : إنه العمل ، وقال الاعشى : @ وسعى لكندة غير سعي مواكل قيسٌ فضرّ عدوّها وبنى لها @@ أي عمل لها . وقوله : { في الأرض } دخلت الألف واللام في الأرض ، لتعريف الجنس ، لأن الأرض وإن كانت واحدة بعينها فلو خلق الله مثلها ، لكانت أرضاً ، كما أن الشمس ، والقمر كذلك ، وفارق ذلك زيداً وعمراً - في أسماء الأعلام - وامتناع دخول الألف واللام عليهما ، لأن الله تعالى لو خلق مثل زيد لم يجب أن يكون زيداً ، على أن الأرضين السبعة كما قال تعالى : { خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن } فعلى هذا لا يتوجه السؤال . والافساد : هو عمل الضرر بغير استحقاق ، ولا وجه من وجوه المصلحة . والاهلاك : العمل الذي ينفي الانتفاع . وقوله : { ليفسد فيها } نصب باضمار ( أن ) ويجوز إظهارها ، فتقول : لأن يفسد فيها ، ولا يجوز إظهارها في قوله : { ما كان الله ليذر المؤمنين } وإنما جاز حذفها في { ليفسد } لدلالة الكلام عليها مع كونها في حروف الاضافة حتى حذفت في قولهم : غلام زيد ، وما أشبهه مع كثرته في الكلام ، وجاز إظهارها ، لأنه الأصل من غير مانع في الاستعمال ، وإنما امتنع في قوله : { ليذر } لما يرجع الى المعنى ، لأن معناه كمعنى ( ما كان زيد ليفعل ) أي ما كان فاعلا ، فلما تضمن غير المعنى الذي توجبه صورته لم يتصرف في لفظه ، ولأنه لما كان محمولا على تأويل معنى لم يذكر ، حمل أيضاً على تأويل لفظ لم يذكر . والفرق بين دخول اللام فيها أن اللام دخلت في { ليفسد } على إضافة السعي الى الفساد ، على أصل الاضافة في الكلام . ودخولها في { ليذر } فانما هو لتأكيد النفي بتحقيق تعلقه بالخبر كما دخلت الباء في ( ليس زيد بقائم ) ، لأن النفي لما كان للخبر وولي حرف النفي الاسم ، دخلت الباء ، لتدل على اتصاله في المعنى بحرف النفي . اللغة : والحرث : الزرع . والنسل : العقب من الولد . وقال الضحاك : الحرث : كل نبات ، والنسل : كل ذات . ويقال : نسل ينسل نسولاً : إذا خرج ، فسقط . ومنه نسل وبر البعير أو شعر الحمار أو ريش الطائر . والنسالة : قطعة من الوبر ، قال الله تعالى : { إلى ربهم ينسلون } أي يسرعون ، لأنه إسراع الخروج بحدّة . والنسل : الولد ، ما نسل بعضه من بعض . والناس نسل آدم ، لخروجهم من ظهره . والنسل والنسلان : عدو من عدو الذئب فيه اضطراب . والنسيلة : فتيلة السراج ، وأصل الباب النسول : الخروج . وحكى الزجاج : أن الحرث : الرجال ، والنسل : الأولاد . وذكر الأزهري : أن الحرث : النساء ، والنسل الأولاد ، لقوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم } المعنى : وقوله تعالى : { والله لا يحب الفساد } يدلّ على فساد قول المجبرة : إن الله تعالى يريد القبائح ، لأن الله تعالى نفى عن نفسه محبة الفساد . والمحبة هي الااردة ، لأن كل ما أحب الله أن يكون ، فقد أراد أن يكون ، وما لا يحب أن يكون لا يريد أن يكون . ومعنى الآية : إذا خرج هذا المنافق من عندك يا محمد غضبان ، عمل في الأرض بما حرّم الله عليه وحاول معصيته ، وقطع الطريق ، وأفسد النسل ، والحرث على عباده . { والله لا يحب الفساد } .