Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 209-209)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى واللغة : أنزل الله تعالى هذه الآية ، وقد علم أنه سيزل الزالّون من الناس ، فتقدم في ذلك ، وأوعد فيه ، لكي تكون الحجة على خلقه . يقال : زلّ يزل زلاً ، وزللاً ، ومزلاً ، وزلولاً . ومعنى الآية { فان زللتم } بمعنى تنحيتم عن القصد ، والشرائع ، وتركتم ما أنتم عليه من الدين { من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز } في نعمته { حكيم } في أمره ، لا تعجزونه ، وحكيم فيما شرع لكم من دينه ، وفطركم عليه ، وفيما يفعل بكم من عقوبة على معاصيكم إياه بعد إقامة الحجة عليكم . وذكر جماعة من أهل التأويل : أن { البينات } هم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) والقرآن ، ذهب اليه السدي ، وابن جريج ، وغيرهما . وقيل : زلّ في الآية : مجاز تشبيهاً بمن زلّ عن قصد الطريق ، وحقيقته : عصيتم الله فيما أمركم به أو نهاكم عنه . والأولى أن يكون ذلك حقيقة بالعرف . وفي الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة : أن الله يريد القبيح ، لأنه لو أراده لما صح وصفه بأنه حكيم . فان قيل : سواء زلّ العباد أو لم يزلوا ، وجب أن يعلم أن الله عزيز حكيم فما معنى الشرط ؟ قيل ، لأن معنى { عزيز } هو القادر الذي لا يجوز عليه المنع من عقابكم { حكيم } في عقوبته إياكم ، فكأنه قال : فاعلموا أن العقاب واقع بكم لا محالة ، لأنه عزيز لا يجوز أن يحول بينه وبين عقوبتكم حائل ، ولم يمنعه مانع { حكيم } في عقوبته إياكم ، وذلك أن حري لهم وصفه بأنه عزيز أنه قدير لا يمنع ، لأنه قادر لنفسه . و { حكيم } معناه عليم بتدبير الأمور . ويقال : { حكيم } في أفعاله بمعنى محكم لها وأصل العزة الامتناع ، ومنه أرض عزاز : إذا كانت ممتنعة بالشدة وأصل الحكمة المنع من قول الشاعر : @ أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا @@ ومنه حكمة الدابة