Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 20-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : معنى { يكاد } : يقارب ، وفيه مبالغة في القرب ، وحذفت منه أن ، لأنها للاستقبال . قال الفرزدق : @ يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم @@ { يخطف } فيه لغتان يقال : خطف يخطف ، وخطف يخطف . والأول أفصح ، وعليه القراء . وروي عن الحسن { يخطف } بكسر الخاء وكسر الطاء ويروى { يخطف } بكسر الياء والخاء والطاء . والخطف : السلب . ومنه الحديث ، أنه نهى عن الخطفة : يعني النهبة . ومنه قيل الخطاف : والذي يخرج به الدلو من البئر ( خطاف ) ، لاختطافه واستلابه . قال نابغة بني ذبيان : @ خطاطيف حجن في حبال متينة تمد بها أيد اليك نوازع @@ جعل ضوء البرق ، وشدة شعاع نوره ، كضوء إقرارهم بألسنتهم بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله ، واليوم الآخر ، ثم قال : { كلما أضاء لهم مشوا فيه } : يعني كلما أضاء البرق لهم . وجعل البرق مثلا لايمانهم . وإضاءة الايمان أن يروا فيه ما يعجبهم في عاجل دنياهم ، من إصابة الغنائم والنصرة على الأعداء فلذلك أضاء لهم ، لأنهم إنما يظهرون بألسنتهم ما يظهرونه من الاقرار ابتغاء ذلك ، ومدافعة عن انفسهم واموالهم ، كما قال : { ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه } { وإذا أظلم عليهم } : يعني ضوء البرق على السائرين في الصيب الذي ضربه مثلا للمنافقين ، وظلام المنافقين : أن يروا في الاسلام ما لا يعجبهم في دنياهم ، من ابتلاء الله المؤمنين بالضراء ، وتمحيصه اياهم بالشدائد والبلاء من إخفاقهم في مغزاهم ، أو إدالة عدوهم ، أو إدبار دنياهم عنهم ، أقاموا على نفاقهم ، وثبتوا على ضلالهم ، كما ثبت السائر في الصيب الذي ضربه مثلا . { وإذا أظلم } وخفت ضوء البرق ، فحار في طريقه ، فلم يعرف منهجه . وقوله : { ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم } ، انما خص الله تعالى ذكر السمع والبصر ، انه لو شاء ، لذهب بهما دون سائر اعضائهم ، لما جرى من ذكرهما في الآيتين من قوله : { يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت } ، وفي قوله { يخطف أبصارهم } فلما جرى ذكرهما على وجه المثل ، عقب بذكر ذلك بانه لو شاء ، اذهبه من المنافقين عقوبة لهم على نفاقهم ، وكفرهم ، كما توعد في قوله : { محيط بالكافرين } . وقوله : { بسمعهم } قد بينا فيما تقدم ، أنه مصدر يدل على الجمع وقيل : إنه واحد موضوع للجمع ، فكأنه أراد " باسماعهم " قال الشاعر : @ كلوا في نصف بطنكم تعفوا فان زمانكم زمن خميص @@ اراد البطون ويقال : ذهبت به واذهبته وحكي أذهب به ، وهو ضعيف ذكره الزجّاج والمعنى : ولو شاء الله لأظهر على كفرهم فدمر عليهم وأهلكهم لأنه { على كل شيء قدير } : أي قادر وفيه مبالغة .