Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 228-228)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : القرؤ : الطهر - عندنا - وبه قال زيد بن ثابت ، وعائشة ، وابن عمر ، وسالم ، وأهل الحجاز . وروي عن ابن عباس ، وابن مسعود ، والحسن ، وبه قال أهل العراق ، وروه عن علي ( ع ) أنه الحيض . اللغة : وأصل القرء يحتمل وجهين في اللغة : أحدهما - الاجتماع ، فمنه قرأت القرآن ، لاجتماع حروفه ، ومنه قولهم : ما قرأت الناقة سلاّ قط : أي لم تجمع رحمها على ولد قط . قال عمرو بن كلثوم : @ ذراعي عيطلٍ أدماء بكر هجان اللون لم تقرأ جنينا @@ ومنه أقرأت النجوم : إذا اجتمت في الافول ، فعلى هذا ، يقال : أقرأت المرأة : إذا حاضت ، فهي مقرىء ، في قول الأصمعي ، والأخفش ، والكسائي والفراء ، وأنشدوا له : @ قروؤ كقروؤ الحائض @@ فتأويل ذلك : إجتماع الدم في الرحم . ويجيء على هذا الأصل أن يكون القرأ : الطهر ، لاجتماع الدم في جملة البدن ، هذا قول الزجاج . والوجه الثاني - أن يكون أصل القرء : وقت الفعل الذي يجرى على آخر عادة ، في قول أبي عمرو بن العلاء ، وقال : هو يصلح للحيض ، والطهر ، يقال : هذا قارىء الرياح أي وقت هبوبها قال الشاعر : @ شنئت العقر عقر بني شليل إذا هبت لقارئها الرياح @@ أي لوقت شدة بردها ، وقال آخر : @ رجا أياس أن تؤوب ولا أذى إياساً لقرؤ الغائبين يؤوب @@ أي لحين الغائبين ، فعلى هذا يكون القرؤ الحيض ، لأنه وقت اجتماع الدم في الرحم على العادة المعروفة فيه ، ويكون الطهر ، لأنه وقت ارتفاعه على عادة جارية فيه ، قال الأعشى في الطهر : @ وفي كل عام أنت جاشم غزوة تشد لاقصاها عزيم عزائكا مورثة مالا وفي الحمد رفعة لما ضاع فيها من قروء نسائكا @@ والذي ضاع ها هنا الاطهار ، لأنه بعد غيبته ، فيضيع بها طهر النساء ، فلا يطأهن ، والوقت الجاري في الفعل على عادة راجع الى معنى الاجتماع ، وذلك ، لاجتماع الفعل مع الوقت الدائر ، فالاجتماع أصل الباب . وأخذ القرؤ من الوقت رداً له الى فرع ، وكلا الأمرين يحتمل في اللغة . المعنى ، ومن خفف الهمزة في { قروء } قال : قرؤ ، ومثله { من يعمل سوءاً } واستشهد أهل العراق بأشياء يقوى أن المراد الحيض ، منها قوله ( ع ) في مستحاضة سألته : دعي الصلاة أيام أقرائك . واستشهد أهل المدينة بقوله : { فطلقوهن لعدتهن } أي طهر لم يجامع فيه كما يقال لغرّة الشهر ، وتأوله غيرهم : لاستقبال عدتهن ، وهو الحيض . فان قيل : لو كان المراد - في الأقراء في الآية - الاطهار ، لوجب استيفاء الثلاثة أطهار بكمالها ، كما أن من كانت عدتها بالأشهر ، وجب عليها ثلاثة أشهر على الكمال ، وقد أجمعنا على أنه - لو طلقها في آخر يوم الطهر الذي ما قربها فيه ، لا يلزمها أكثر من طهرين آخرين ، وذلك دليل على فساد ما قلتموه ! قلنا : تسمى القرآن الكاملان ، وبعض الثالث ثلاثة أقراء ، كما تسمى - الشهران وبعض الثالث - : ثلاثة أشهر قال الله تعالى : { الحج أشهر معلومات } وإنما هي شوال ، وذي القعدة ، وبعض من ذي الحجة . وروي عن عائشة أنها قالت : الأقراء الاطهار . وقوله : { ولا يحلّ لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن } قيل في معناه ثلاثة أقوال : أحدها - قال إبراهيم : الحيض . وثانيها - قال قتادة : الحبل . وثالثها - قال ابن عمر ، والحسن : هو الحبل ، والحيض ، وهو الأقوى لأنه أعم . وإنما لم يحل لهن الكتمان , لظلم الزوج بمنعه المراجعة - في قول ابن عباس - . وقال قتادة : لنسبة الولد الى غيره ، كفعل الجاهلية . اللغة : وإنما قال : { ثلاثة قروء } ولم يقل : ثلاثة أقرء على جمع القليل ، لأنه لما كانت كل مطلقة يلزمها هذا ، دخله معنى الكثرة فأتى ببناء الكثرة ، للاشعار بذلك ، فالقروء كثيرة إلاّ أنها ثلاثة في القسمة . ووجه آخر - أن بناء الكثير فيه أغلب في الاستعمال ، لأنه على قياس الباب في جمع فعل الكثير ، فأما القليل ، فقياسه ، أفعل دون أفعال ، فصار بمنزلة مالا يعتد به فجاء مجيء قولهم : ثلاثة شسوع ، فاستغني فيه ببناء الكثير عن القليل . ووجه ثالث - أن يذهب مذهب الجنس نحو قولهم : ثلاثة كلاب يعنون ثلاثة من الكلاب إذا أريد رفع الايهام . المعنى : والشرط بقوله : { إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر } معناه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فهذه صفته فيما يلزمه ، لا أنه يلزم المؤمن دون غيره . وخرج ذلك مخرج التهديد . { وبعولتهن أحق بردهن } يعني أزواجهن أحق برجعتهن ، وذلك يختص بالرجعيات وإن كان أول الآية عاماً في جميع المطلقات الرجعية والبائنة . وسمي الزوج بعلا ، لأنه عال على المرأة بملكه لزوجيتها . اللغة : تقول : بعل يبعل بعولة ، وهو بعل . وقوله { أتدعون بعلاً } أي رّباً ، لأنه بمعنى من سميتموه باستعلاء الربوبية تخرصاً ، وقيل أنه صنم . والبعل النخل يشرب بعروقة ، لأنه مستعل على شربه ، وبعل الرجل بأمره إذا ضاق به ذرعاً ، لأنه علاه منه ما ضاق به صدره . وبعل الرجل في معنى بطر ، لأنه استعلى معظماً ، وكبراً . وامرأة بعلة : لا تحسن لبس الثياب ، لأن الحيرة تستعلي عليها ، فتدهشها . وبعل الرجل يبعل بعلا إذا دهش دهشاً . المعنى : وقوله : { ولهن مثل الذي عليهن } قال الضحاك : لهن من حسن العشرة بالمعروف على أزواجهن مثل ما عليهن من الطاعة فيما أوجبه الله عليهن لهم . وقال ابن عباس : لهن على أزواجهن من التصنع والتزين مثل ما لأزواجهن عليهن . وقال الطبري : لهن على أزواجهن ترك مضارتهن ، كما أن عليهن لأزواجهن . وقوله : { وللرّجال عليهن درجة } قيل معناه : فضيلة منها الطاعة ، ومنها أن يملك التخلية ، ومنها زيادة الميراث [ على قسم ] المرأة ، والجهاد . هذا قول مجاهد ، وقتادة . وقال ابن عباس : منزلة في الأخذ عليها بالفضل في المعاملة حتى قال : ما أحب أن استوفي منها جميع حقي ، ليكون لي عليها الفضيلة .