Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 251-251)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
القراءة : قرأ نافع ، وأبان عن عاصم { دفاع الله } الباقون { دفع } بلا ألف . المعنى : في الآية حذف وتقديره فاستجاب لهم ربهم ، فهزموهم بنصره لهم ، لأن ذكر الهزيمة بعد سؤال النصرة دليل على أنه كان على معنى الاجابة . اللغة : والهزم : الدفع ، تقول : هزم القوم في الحرب يهزمهم هزماً : إذا دفعهم بالقتال هرباً منه ، وانهزموا انهزاماً ، وتهزم السقاء : إذا يبس ، فتصدّع لاندفاع بعضه على بعض ، والاهتزام الذبح تقول العرب : اهتزموا شاتكم قبل أن تهزل فتهلك ، لدفع صاعها بتذكيتها . والهزمة : دفعك الشيء بقوة حتى تدخل عن موضعه في الجسد ، وزمزم هزمة ، جبرئيل لاسماعيل ( ع ) والمهزم خشبة يحرك بها الجمر ، لأنها يرفع بها بعضه عن بعض ، وهزمة الرعد صوته ، وأصابتهم هازمة من هوازم الدهر أي داهية كاسرة ، لأنها كهازمة الجيش في البليلة ، وهزمت عليك أي عطفت عليك . المعنى : فالأولى أن يكون القوم هزموهم حقيقة لأنهم سنوا الهزيمة بأن فعلوا ما يلجئهم اليها وقال الجبائي : ذلك مجاز ، لأنهم لم يفعلوا هزيمتهم ، كما يقال : اخرجه من منزله إذا ألجأه الى الخروج ، ولم يفعل خروجه ، وهذا ليس بصحيح ، لأنه ليس معنى هزمه فعل هزيمته ، ليكون إذا صرف عن ذلك الى معنى غيره يكون مجازاً في العبارة بل معناه ما قلناه . وقوله : { بإذن الله } يحتمل أمرين : أحدهما - بأمر الله . والثاني بعلم الله . وقيل : إن سبب قتل داود جالوت كان أن جالوت طلب البراز ، فخرج إليه داود ( ع ) فرماه بحجر مقلاع فوقع بين عينيه وخرج من قفاه ، فأصاب جماعة كثيرة من أهل عسكره فقتلهم ، وانهزم القوم عن آخرهم ، ذكر ذلك وهب بن منبه وغيره من المفسرين . وقوله : { وآتاه الله الملك والحكمة } قيل في معناه قولان : أحدهما - أنه جمع له الملك والنبوة في حالة واحدة . والآخر - أنه اختصه من علم السمع بحكمة لم يؤتها غيره . وقوله : { وعلّمه مما يشاء } معناه أنه علمه أمور الدين وما يشاء من أمور الدنيا ، منها صنعة الدرع وعمل السرد ، ذكره الزجاج ، والطبري . فان قيل : ما الفائدة في قوله : { وعلمه مما يشاء } إذا كنا لا ندري ما الذي شاء من ذلك ؟ قيل هو تعالى وإن لم يشرح لنا ما علمه فقد بين لنا أنه خصه من العلم بعد علم الدين بما لم يؤته غيره ، لأن غيره من المؤمنين إنما نعلم ما دله الله عليه من أمر دينه ودنياه ، وكان داود مساوياً لهم في ذلك إن لم يكن أكثرهم علماً فيه ، لأنه كان مؤمناً مثلهم ، وكان معهم في أمورهم ، فلما بين لنا { آتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء } بعد قتل جالوت ، علمنا أنه كان خصه بما ذكره من الملك والحكمة ، وخصه منه بما لم يخصّ به أحداً سواه . وقوله : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } قيل في معناه ثلاثة أقوال : أحدها - يدفع الله بالبر عن الفاجر الهلاك ، هذا قول علي ( ع ) وهو المروي عن أبي جعفر محمد بن علي ( ع ) ، وبه قال مجاهد . الثاني - يدفع باللطف للمؤمن والرعب في قلب الفاجر . وأن يعم الأرض الفساد . الثالث - قال الحسن ، والبلخي : يزغ الله بالسلطان فلا يزغ بالقرآن ، لأنه يغنيه على دفع الأشرار عن ظلم الناس ، لأنه يريد منه المنع من الظلم والفساد ، كان مؤمناً أو فاسقاً . اللغة : وأصل الدفع : الصرف عن الشيء ، دفع دفعاً ، ودافع مدافعة ودفاعاً ، واندفع اندفاعاً ، وتدافع تدافعاً ، ودفعه تدفيعاً ، واستدفع استدفاعاً . والضيف المدفع ، لتدافع الحي به لاحتقاره . والدفاع السيل لتدافع بعضه على بعض . والدفعة اندفاع الشيء جملة . ورجل مدفع أي عن نسبه . الحجة : وقال الحسن : لم يكن داود نبياً قبل قتله جالوت ، لأنه لا يجوز أن يترأس من ليس بنبي على نبي لأنه قلب ما يوجبه تدبير الحكماء ، لأن النبي يوثق بظاهره وباطنه ولا يخبر إلا بالحق ولا يدعو إلا الى حق ، وليس كذلك من ليس بنبي من أهل العقل . ومن قرأ { دفاع } بألف فوجهه : أن الله لما أعان أولياءه على مدافعة أعدائه حتى هزموهم ، حسن إضافة الدفاع إليه ، لما كان من معونته ، وإرادته له . وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة : إنه ليس لله على الكافر نعمه ، لأنه قال : { إن الله لذو فضل على الناس } فعم الجميع بالنعمة ولم يخص ، { ولكن أكثر الناس لا يشكرون } ويفسد به أيضاً قولهم : في الارادة وأن جميع ما أعطى الله الكفار إنما هو ليكفروا لا ليؤمنوا ، وما روي أن طالوت هم بقتل داود لما رأى أن وجوه الناس أقبلت عليه بقتله جالوت رواية شاذة ، فان صحت دلت على أن طالوت لم يكن نبياً ، ولا إماماً ، لأن النبي أو الامام لابد أن يكون معصوماً .