Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 257-257)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى ، واللغة : معنى { ولي الذين آمنوا } نصيرهم ، ومعينهم في كل ما يهم إليه الحاجة ، مما فيه صلاح لهم في دينهم ودنياهم وإنما يوصف بالولي من كان أولى بغيره وأحق بتدبيره . ومنه الوالي ، لأنه يلي القوم بالتدبير والأمر ، والنهي ، ومنه المولى من فوق ، لأنه يلي أمر العبد بسد الخلة ، وما به إليه الحاجة ، ومنه المولى من أسفل لأنه يلي أمر المالك بالطاعة ، والمولى ابن العم لأنه يلي أمره بالنصرة لتلك القرابة ، وولي اليتيم لأنه يلي أمر ماله بالحفظ له والقيام عليه . والولي في الدين وغيره ، لأنه يلي أمره بالنصرة والمعونة لما توجبه الحكمة ، والمعاقدة لجميع هذه المواضع الأولى والأحق ملحوظ فيه . ووّلى : إذا ادبر عن الشيء لأنه زال عن أن يليه بوجهه واستولى على الشيء : إذا احتوى عليه ، لأنه وليه بالقهر . والله تعالى يتولى المؤمنين على ثلاثة أوجه : يتولاهم بالمعونة على إقامة الحجة ، ويتولاهم بالنصرة لهم في الحرب حتى يغلبوا ، ويتولاهم بالمثوبة على الطاعة . وقوله { يخرجهم من الظلمات إلى النور } . ومعناه : من ظلمات الكفر إلى نور الايمان ، لأن الكفر كالظمة في المنع من إدراك الحق كما أن الظلمة مانعة من إدراك البصر . وقال قتادة : يخرجهم من ظلمة الضلالة إلى نور الهدى ، وهذا قريب من الأول ، ووجه إخراج الله تعالى المؤمنين من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الايمان باهدائهم إليه ، ونصب الادلّة لهم ، وترغيبهم فيه ، وفعله بهم من الالطاف ما يقوي دواعيهم إلى الايمان ، فاذا اختارواهم الايمان ، فكأن الله أخرجهم منها ، ولم يجز أن يقال : إنه أخرج الكفار من الظلمات إلى النور من حيث قدرهم على الايمان ، ودعاهم إليه ورغبّهم فيه ، كما فعل بالمؤمنين ، لانهم لم يختاروا الايمان ، فلم يجز أن يقال : إنه أخرجهم منه لأنه توهم أنهم فعلوا الايمان . وقوله : { والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات } إنما أضاف إخراجهم { من النور } الذي هو الايمان إلى الكفر إلى الطاغوت ، لما كان ذلك باغوائهم ، ودعائهم ، وإنما كفروا عند ذلك ، فأضاف ذلك إليهم ، فهو عكس الأول . فان قيل : كيف { يخرجونهم من النور } وما دخلوا فيه ؟ قلنا عنه جوابان : أحدهما - إن ذلك يجري مجرى قولهم : أخرجنى والدي من ميراثه . ولم يدخل فيه ، وإنما ذلك لأنه لو لم يفعل ما فعل ، لدخل فيه ، فهو لذلك بمنزلة الداخل فيه الذي أخرج منه . قال الغنوي : @ فان تكن الأيام أحسن مرة إليّ فقد عادت لهنّ ذنوب @@ ولم يكن لها ذنوب قبل ذلك . والوجه الثاني - قال مجاهد : إنه في قوم ارتدّوا عن الاسلام ، والاول أليق بمذهبنا ، لأن عندنا لا يجوز أن يرتد المؤمن على الحقيقة ، وإنما قال { يخرجونهم } على لفظ الجمع . فان كان الطاغوت واحداً لأنه في معنى جميع كما قال العباس بن مرداس : @ فقلنا : أسلموا انّا أخوكم فقد برئت من الاحن الصدور @@ وإنما جاز ذلك في الخفض ، لأن كل واحد يقوم مقام الآخر فصار ذكر واحد ينوب عن جميعه ، فأما ما يميز بالخلقة وصار بمنزلة الاشياء المختلفة فقياسه أن يجمع ، كرجل ورجال . وإنما حسن في الطاغوت ، لأن جميعه يجري مجرى واحد في الضلال . وفي الآية دليل على فساد قول المجبرة في المخلوق ، والارادة ، لأنه تعالى نسب الاخراج من نور الهدى إلى ظلمة الكفر والضلال إلى الطاغوت منكراً لتلك الحال ، ولم يكن لينكر شيئاً أراده ولا يغيب شيئاً عنه فعله ( تعالى الله ) عن ذلك .