Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 268-268)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : معنى الآية الوعد من الشيطان أنكم من أخرجتم من أموالكم الصدقة وأديتم الزكاة الواجبة عليكم في أموالكم افتقرتم . ويأمركم أيضاً بالفحشاء من المعاصي وترك طاعته . والله ( تعالى ) يعد بالمغفرة منه والستر عليكم ، والصفح عن العقوبة { وفضلاً } يعني ويعدكم أن يخلف عليكم خيراً من صدقتكم ويتفضل عليكم ويسبغ عليكم في أرزاقكم قال ابن عباس : اثنان من الله ، واثنان من الشيطان . فاللذان من الشيطان الوعد بالفقر والامر بالفحشاء . واللذان من الله المغفرة على المعاصي والفضل في الرزق . اللغة والمعنى : والفقر : الحاجة وهو ضد الغنى يقال : أفقره الله إفقاراً وافتقر افتقاراً وتفاقر تفاقراً ، لأن الفقر بمنزلة كسر الفقار في تعذر المراد . والفقار : عظام منتظمة في النخاع تسمى خرز الظهر واحدها فقرة . والافقار : إعارة الدابة لتركب ثم ترد . والافقار : دنو الصيد . والفاقرة الداهية ، لانها تكسر الفقار . ومنه قوله : { تظن أن يفعل بها فاقرة } وأصل الباب الفقار : خرز الظهر . وتقول وعدته الخير ، ووعدته بالخير والأصل فيه تعديته بغير حرف الاضافة إلا أنه كثر استعماله في التعدي بحرف الاضافة حتى صار أصلا فيه لكثرته . وأمرته بالخير أكثر في الكلام وإنما يجوز أمرته الخير في الشعر وقوله : { والله واسع عليم } حكى البلخي أنه بغير واو في مصاحف أهل الشام ولم يقرأ به أحد فان صح فهو دلالة على نقصان الحروف من كثير من القرآن على ما اختلفوا فيه . والفرق بين الوعد والوعيد أن الوعيد في الشر خاصة ، والوعد بالتقييد للخير والشر معاً غير أنه إذا أطلق لم يكن إلا في الخير ، وكذلك إذا أبهم التقييد كقولك وعدته باشياء لأنه بمنزلة المطلق . وحدّ الوعد : هو الخبر بفعل الخير في المطلق . والوعيد : هو الخبر بفعل الشر . والأمر هو قول القائل لمن هو دونه : افعل ، مع إرادة المأمور به ، فان انضم إليه الزجر عن الاخلال به كان مقتضياً للايجاب . وقال ابن مسعود للشيطان لمة وللملك لمة . ومثله روي عن أبي عبد الله ( ع ) فلمة الشيطان وعده بالفقر وأمره بالفاحشة ولمة الملك أمره بالانفاق ونهيه عن المعاصي . وقال أبو مسلم والازهري الفحشاء البخل والفاحش البخيل قال طرفة : @ عقيلة مال الفاحش المتشدد @@ وقال الحسين بن علي المغربي والذي يقوي قوله ما أنشده أبو حيرة الراحل من طي : @ قد أخذ المجد كما أرادا ليس بفحاش يضن الزادا @@ وقال الرماني : والله ما قالاه بعيد . والفحشاء المعاصي في أغلب الاستعمال ومعنى البيت الذي أنشداه أن الفاحش هو سيء الرد بسؤاله وضيفانه وذلك من البخل لا محالة قال كعب : @ أخي ما أخي لا فاحش عند بيته ولا برم عند اللقاء هبوب @@ فتلخيص معنى الآية أن الشيطان يحملكم على أن تؤدوا في الصدقة رديء المال يخوفكم الفقر باعطاء الجيد - والفَقر والفُقر لغتان - ويعدكم الفقر : معناه بالفقر فحذف الباء وعدّى الفعل فنصب قال : @ أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب @@ وقوله : { والله واسع عليم } معناه واسع يعطي من سعة مقدوراته { عليم } حيث يضع ذلك ويعلم الغيب والشهادة .