Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 79-79)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغة والاعراب : قال الزجاج : الويل كلمة يستعملها كل واقع في هلكة . واصله في اللغة العذاب والهلاك وارتفع بالابتداء ، وخبره الذين . ولو كان في غير القرآن ، لجاز بالنصب على معنى جعل الله ويلا للذين . والرفع على معنى ثبوت الويل للذين ، ومثله الويح والويس اذا كان بعدهن لام رفعتهن . واما التعس والبعد وما اشبههما فهو نصب ابداً . فان اضفت ويل وويح وويس نصب من غير تنوين . تقول ويلَ زيدٍ وويسَ زيد . ولا يحسن في التعس والبعد الاضافة بغير لام فلذلك لم ترفع . وقد نصب قوم مع اللام فيقولون ويلا لزيد ، ويحاً لخالد . قال الشاعر : @ كسا اللؤم تيماً خضرة في جلودها فويلاً لتيم من سرابيلها الخضر @@ المعنى : قال ابن عباس : " الويل " في الآية العذاب . وقال الاصمعي هو التقبيح . ومنه قوله : { ولكم الويل مما تصفون } . وقال المفضل : معناه الحزن . وقال قوم : هو الهوان والخزي ، ومنه قول الشاعر : @ يا زبرقان اخا بني خلف ما انت ويل ابيك والفخر @@ وقال ابو سعيد الخدري : الويل واد في جهنم . وقال عثمان بن عفان : هو جبل في النار . وقوله : { يكتبون الكتاب بأيديهم } معناه انهم يقولون كتبته ، ثم يضيفونه إلى الله ، كقوله { خلقت بيدي } و { عملت أيدينا } أي نحن تولينا ذلك ولم نكله إلى احد من عبادنا . ومثله رأيته بعيني وسمعته باذني ولقيته بنفسي . والمعنى في جميع ذلك التأكيد ، ولأنه قد يأمر غيره بالكتابة ، فتضاف اليه مجازاً . فلذلك يقول الامي كتبت إلى آل فلان بكذا ، وهذا كتابي اليك ، وكما تقول : حملت إلى بلد كذا . وانما امرت بحمله . فاعلمنا الله تعالى انهم يكتبونه بايديهم ، ويقولون هو من عند الله ، وقد علموا يقيناً اذا كتبوه بايديهم انه ليس من عند الله . وفي الآية دلالة على ابطال قول المجبرة ، لأنه تعالى عابهم بهذا القول ، اذ نسبوا ما كتبوه من التحريف إلى انه من عند الله ، وجعل عليهم الويل . واذا كان تحريفه من الكتاب ليس من عند الله ، من جهة القول والحكم فليس ذلك منه من جهة القضاء والحكم ولا التقدير والمشيئة . وقال ابن السراج : معنى { بأيديهم } أي من تلقاء انفسهم . وقوله { ليشتروا به ثمناً قليلاً } . قال قوم : أي انه عرض الدنيا لأنه قليل المدة ، كما قال تعالى : { قل متاع الدنيا قليل } ذهب اليه ابو العالية . وقال آخرون : إنه قليل لأنه حرام . وروي عن ابي جعفر ( ع ) ، وذكره ايضاً جماعة من اهل التأويل أن أحبار اليهود كانت غيرت صفة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ليوقعوا الشك للمستضعفين من اليهود . وقوله : { ويل لهم مما كانوا يكسبون } يقولون مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم . واصل الكسب العمل الذي يجتلب به نفع أو يدفع به ضرر ، وكل عامل عملا بمباشرة منه لما عمل . ومعناه ها هنا الاحتراف فهو كاسب لما عمل . قال لبيد ابن ربيعة : @ لمعفر قهد تنازع شلوه غبس كواسب لا يمنّ طعامها @@ وقيل الكسب عبارة عن كل عمل بجارحة يجتلب به نفع ، أو يدفع به مضرة ومنه قيل للجوارح من الطير : كواسب .