Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 16-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بقول الله تعالى مخبراً على وجه التمدح : إنا { ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما } أي ما أنشأناها { لاعبين } ونصبه على الحال . واللعب الفعل الذي يدعو اليه الجهل بما فيه من النقص ، لان العلم يدعو الى أمر ، والجهل يدعو الى خلافه . والعلم يدعو الى الاحسان . والجهل يدعو الى الاساءة لتعجيل الانتفاع . واللعب يستحيل في صفة القديم تعالى ، لانه عالم لنفسه . بجميع المعلومات غني عن جميع الاشياء ، ولا يمتنع وصفه بالقدرة عليه كما نقول فى سائر القبائح ، وإن كان المعلوم أنه لا يفعله ، لما قدمناه . ثم قال تعالى { لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا } قال الحسن ومجاهد : اللهو المرأة . وقال قتادة : اللهو المرأة - بلغة أهل اليمين - وهو من اللهو المعروف ، لانه يطلب بها صرف الهمّ . وهذا إنكار لقولهم : الملائكة بنات الله ، والمسيح ابن الله تعالى الله عن ذلك ، وروي عن الحسن البصري أيضاً انه قال : اللهو الولد . ووجه اتصال الآية بما قبلها أن هؤلاء الذين وصفوهم أنهم بنات الله ، وأبناء الله هم عبيد الله ، على أتم وجه العبودية ، وذلك يحيل معنى الولادة لانها لا تكون إلا مع المجانسة . ومعنى { لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا } الانكار على من أضاف ذلك الى الله ، ومحاجته بأنه لو كان جائزاً في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لكم أو لغيركم من العباد ، لما في ذلك من خلاف صفة الحكيم الذي يقدر أن يستر النقص ، فيظهره . وانما استحال اللهو على الله تعالى ، لانه غني بنفسه عن كل شيء سواه ، يستحيل عليه المرح . واللاهي المارح والملتذ بالمناظر الحسنة والاصوات المؤنقة . وقوله { إن كنا فاعلين } قيل في معنى { إن } قولان : احدهما - انها بمعنى ( ما ) التي للنفي ، والمعنى لم نكن فاعلين . والآخر - انها بمعنى التي للشرط ، والمعنى إن كنا نفعل ذلك ، فعلناه من لدنا ، على ما أردناه إلا انا لا نفعل ذلك . وقوله { من لدنا } قيل : معناه مما فى السماء من الملائكة . وقال الزجاج : معناه مما نخلقه . ثم قال تعالى { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه } معناه إنا نلقي الحق على الباطل فيهلكه ، والمراد به إن حجج الله تعالى الدالة على الحق تبطل شبهات الباطل . ويقال : دمغ الرجل إذا شج شجة تبلغ أم الدماغ ، فلا يحيا صاحبها بعدها . وقوله { فإذا هو زاهق } أي هالك مضمحل ، وهو قول قتادة . يقال : زهق زهوقاً إذا هلك . ثم قال لهم ، يعني الكفار { ولكم الويل مما تصفون } يعنى الوقوع في العقاب ، جزاء على ما تصفون الله به من اتخاذ الأولاد . ثم اخبر الله تعالى بأن { له من في السماوات والأرض ومن عنده } يعني الملائكة أي يملكهم بالتصرف فيهم { لا يستكبرون } هؤلاء عن عبادة الله { ولا يستحسرون } قال قتادة : معناه لا يعيون . وقال ابن زيد : لا يملون ، من قولهم : بعير حسير اذا أعيا ونام . ومنه قول علقمة بن عبدة : @ بها جيف الحسرى فأما عظامها فبيض واما جلدها فصليب @@ وقيل : معناه يسهل عليهم التسبيح ، كسهولة فتح الطرف والنفس - في قول كعب - والاستحسار الانقطاع من الاعياد مأخوذ من قولهم حسر عن ذراعه إذا كشف عنه . ثم وصف تعالى الذين ذكرهم بأنهم { يسبحون الليل والنهار } اي ينزهونه عما أضافه هؤلاء الكفار اليه من اتخاذ الصاحبة والولد ، وغير ذلك من القبائح { لا يفترون } أى يملونه فيتركونه بل هم دائمون عليه .