Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 104-104)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الاعراب ، والمعنى : قوله : { ولتكن } أمر واللام لام الأمر وإنما سكنت مع الواو ولم يكن لام الاضافة لأن تسكين لام الامر يؤذن بعملها أنه الجزم ، وليس كذلك لام الاضافة . ولم يسكن مع ثم ، لأن ثم بمنزلة كلمة منفصلة . وقوله : { منكم أمة } " من " ها هنا للتبعيض على قول أكثر المفسرين ، لأن الأمر بانكار المنكر ، والامر بالمعروف متوجه إلى فرقة منهم غير معينة ، لأنه فرض على الكفاية فأي فرقة قامت به سقط عن الباقين . وقال الزجاج التقدير " وليكن " جميعكم و ( من ) دخلت لتخص المخاطبين من بين سائر الاجناس ، كما قال : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } وقال الشاعر : @ أخو رغائب يعطيها ويسلبها يأبى الظلامة منه النوفل الزفر @@ لانه وصفه باعطاء الرغائب ، والنوفل الكثير الاعطاء للنوافل . والزفر : الذي يحمل الأثقال ، فعلى هذا الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر من فرض الاعيان لا يسقط بقيام البعض عن الباقين . وهو الذي اختاره الزجاج ، وبه قال الجبائي ، واختاره . اللغة : والأمة في اللغة تقسم خمسة أقسام : أحدها - الجماعة . والثاني - القامة . والثالث - الاستقامة . والرابع - النعمة والخامس القدوة . والأصل في ذلك كله القصد من قولهم : أمه يؤمه . أماً إذا قصده ، فالجماعة سميت أمة لاجتماعها على مقصد واحد . والأمة : القدوة ، لأنه تأتم به الجماعة . والأمة النعمة ، لأنها المقصد الذي هو البغية . والامة القامة ، لاستمرارها في العلو على مقصد واحد . والمعروف هو الفعل الحسن الذي له صفة زائدة على حسنه . وربما كان واجباً أو ندباً ، فان كان واجباً فالأمر به واجب . وان كان ندباً فالامر به ندب . والمنكر هو القبيح فالنهي عنه كله واجب . والانكار هو إظهار كراهة الشيء لما فيه من وجه القبح ، ونقيضه الاقرار وهو إظهار تقبل الشيء من حيث هو صواب حسن . المعنى : والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بلا خلاف وأكثر المتكلمين يذهبون إلى أنه من فروض الكفايات . ومنهم من قال من فروض الاعيان ، وهو الصحيح على ما بيناه . واختلفوا ، فقال جماعة ان طريق وجوب انكار المنكر العقل ، لأنه كما تجب كراهته وجب المنع منه إذا لم يمكن قيام الدلالة على الكراهة . وإلا كان تاركه بمنزلة الراضي به . وقال آخرون وهو الصحيح عندنا : إن طريق وجوبه السمع وأجمعت الأمة على ذلك ، ويكفي المكلف الدلالة على كراهته من جهة الخير وما جرى مجراه وقد استوفينا ما يتعلق بذلك في شرح جمل العلم . فان قيل هل يجب في إنكار المنكر حمل السلاح ؟ قلنا : نعم إذا احتيج إليه بحسب الامكان ، لأن الله تعالى قد أمر به ، فاذا لم ينجح فيه الوعظ والتخويف ، ولا التناول باليد وجب حمل السلاح ، لأن الفريضة لا تسقط مع الامكان إلا بزوال المنكر الذي لزم به الجهاد إلا أنه لا يجوز أن يقصد القتال إلا وغرضه إنكار المنكر . وأكثر أصحابنا على أن هذا النوع من إنكار المنكر لا يجوز الاقدام عليه إلا باذن سلطان الوقت . ومن خالفنا جوز ذلك من غير الاذن مثل الدفاع عن النفس سواء . وقال البلخي : إنما يجوز لسائر الناس ذلك إذا لم يكن إمام ، ولا من نصبه ، فأما مع وجوده ، فلا ينبغي ، لأحد أن يفعل ذلك إلا عند الضرورة . وقوله : { وأولئك هم المفلحون } معناه هم الفائزون بثواب الله ، والخلاص من عقابه .