Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 125-125)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القراءة والمعنى : قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم { مسومين } بكسر الواو . الباقون بفتحها . والقراءة بالكسر أقوى ، لأن الأخبار وردت بأنهم سوموا خيلهم بعلامة جعلوها عليها . وقال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد ، والضحاك : كانوا علموا بالصوف في نواصي الخيل وأذنابها . وروى هشام عن عروة قال : نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بُلق وعليهم عمائم صفر . قال السدي ، وغيره من أهل التأويل : معنى { مسومين } معلمين . اللغة ، والمعنى : ومن قرأ بالفتح أراد معنى مرسلين من الابل السائمة يعني المرسلة في المرعى والسيما العلامة قال الله تعالى { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } فالتسويم العلامة قال الشاعر : @ مسومين بسيما النار أنفسهم لا مهتدين ولا بالحق راضينا @@ وأصل الباب السوم في المرعى ، وهو الاستمرار فيه فمنه السيماء ، لأنهم كانوا يعلمونها : إذا أرسلت في المرعى لئلا تختلط ، ومنه السوم في البيع ، ومنه سوم الريح استمرارها في هبوبها . ومنه سوم الخسف ، لأنه استمرار في إلزام الشر . وقوله : { ومن فورهم } قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والربيع ، والسدي وابن زيد : معناه من وجههم . وقال مجاهد والضحاك وأبو صالح من غضبهم ، فعلى القول الأول إنما هو فور الانتداب لهم ، وهو ابتداؤه ، وعلى القول الثاني فور الغضب ، وهو غليانه . وأصل الفور فور القدر ، وهو غليانها عند شدة الحمى ، فمنه فورة الغضب ، لأنه كفور القدر بالحمى ، ومنه جاء فلان على الفور أي على أشد الحمى ، لفعله قبل أن تبرد نفسه . ومنه فارت العين بالماء أي جاشت به ومنه الفوارة ، لأنها تفور بالماء كما تفور القدر بما فيها . فان قيل : كيف قال في الآية الأولى ان الامداد بثلاثة آلاف ، وفي هذه بخمسة آلاف . وهذا ظاهر التناقض ؟ ! قلنا : لا تناقض في ذلك لأن في الآية الأولى وعد الله المؤمنين على لسان نبيه بأن يمدهم بثلاثة آلاف منزلين ثم قال { بلى إن تصبروا وتتقوا } يعني تصبروا على الجهاد ، والقتال ، وتتقوا معاصي الله { ويأتوكم من فورهم } وهذا يعني ان رجعوا إليكم ، لأن الكفار في غزاة أحد بعد انصرافهم ندموا لم لم يعبروا على المدينة وهموا بالرجوع ، فأوحى الله تعالى إلى نبيه أن يأمر أصحابه بالتهيؤ للرجوع إليهم . وقال لهم { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله } ثم قال إن صبرتم على الجهاد وراجعتم الكفار ، أمدكم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، فأخذوا في الجهاز فبلغ ذلك قريشاً فخافوهم أن يكون قد التأم اليهم من كان تأخر عنهم وانضم إليهم غيرهم ، فدسوا نعيم بن مسعود الاشجعي حتى قصدهم بتعظيم أمر قريش واسرعوا . والقصة معروفة ولذلك قال قوم من المفسرين : ان جميعهم ثمانية آلالف وقال الحسن جميعهم خمسة آلاف منهم الثلاثة آلاف المنزلين على أن الظاهر يقتضي أن الامداد بثلاثة آلاف كان يوم بدر ، لأن قوله : { إذ تقول للمؤمنين } متعلق بقوله : { ولقد نصركم الله ببدر } { إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين } ثم استأنف حكم يوم أحد ، فقال : { بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم } يعني رجعوا عليكم بعد انصرافهم أمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين . والقصة في ذلك معروفة على ما بيناه , وعلى هذا لا تنافي بينهما ، وهذا قول البلخي رواه عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال : لم يمدوا يوم أحد ولا بملك واحد . فان قيل لم لم يمدوا بالملائكة في سائر الحروب ؟ قلنا : ذلك تابع للمصلحة فاذا علم الله المصلحة في إمدادهم أمدهم .