Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 134-134)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : { الذين } في موضع الجر ، لأنه صفة المتقين ، فذكر الله صفاتهم التي تعلو بها درجاتهم منها : أنهم يتقون عذاب الله بفعل طاعته ، والانتهاء عن معصيته . وانهم ينفقون في السراء ، والضراء وقد بينا فيما تقدم معنى الانفاق . وقيل في معنى السراء والضراء . قولان : أحدهما - قال ابن عباس في اليسر ، والعسر ، فكأنه قال في السراء بكثرة المال ، والضراء بقلته . الثاني - في حال السرور ، وحال الاغتمام . أي لا يقطعهم شيء من ذلك عن انفاقه في وجوه البر ، فيدخل فيه اليسر والعسر . وإنما خصا بالذكر في التأويل الأول ، لأن السرور بالمال يدعو إلى الظن به . كما يدعو ضيقه إلى التمسك به خوف الفقر ، لانفاقه . وقوله تعالى : { والكاظمين الغيظ } أي المتجرعين له ، فلا ينتقمون ممن يدخل عليهم الضرر بل يصبرون على ذلك ، ويتجرعونه . اللغة : وأصل الكظم شد رأس القربة عن ملئها . تقول : كظمت القربة إذا ملأتها ماء ثم شددت رأسها . وفلان كظيم ومكظوم إذا كان ممتلئاً حزنا . ومنه قوله : { وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم } أي ممتلىء حزناً . وكذلك إذا امتلأ غضباً لم ينتقم ، وكظم البعير ، والناقة إذا لم تجر . والكظامة القناة التي تجري تحت الأرض ، سميت بذلك ، لامتلائها بالماء كامتلاء القربة المكظومة . ويقال : أخذ بكظمه أي بمجرى نفسه ، لأنه موضع الامتلاء بالنفس . وكظامة الميزان المسمار الذي يدور فيه اللسان ، لأنه يشده ويعتمد عليه . والفرق بين الغيظ ، والغضب أن الغضب ضد الرضا ، وهو ارادة العقاب المستحق بالمعاصي ، ولعنه . وليس كذلك الغيظ ، لأنه هيجان الطبع بكره ما يكون من المعاصي ، ولذلك يقال غضب الله على الكفار ، ولا يقال اغتاظ منهم . المعنى : وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " ما من جرعة يتجرعها الرجل أو الإنسان أعظم أجراً من جرعة غيظ في الله " وفي الآية دلالة على جواز العفو عن المعاصي وإن لم يتب ، لأنها دلت على الترغيب في العفو من غير ايجاب له باجماع المسلمين . وقوله { والله يحب المحسنين } معناه يريد اثابتهم وتنعيمهم . والمحسن يحتمل أمرين : أحدهما - من هو منعم على غيره على وجه عار من وجوه القبح . ويحتمل أن يكون مشتقاً من الافعال الحسنة التي منها الاحسان إلى الغير ، وغير ذلك من وجوه الطاعات والقربات .