Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 169-169)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : ذكر ابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر بن عبد الله عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في حواصل طير خضر ترد انهار الجنة ، وتأكل من ثمارها . قال البلخي : وهذا ضعيف ، لأن الأرواح جماد لا حياة فيها ، ولو كانت حية لاحتاجت إلى أرواح أخر وأدى إلى ما لا يتناهى فضعف الخبر من هذا الوجه . وفي الناس من قال : إن تأويل الآية اخبار عن صفة حال الشهداء في الجنة من حيث فسد القول بالرجعة ، وهذا ليس بشيء لأنه خلاف الظاهر ، ولأن أحداً من المؤمنين لا يحسب أن الشهداء في الجنة أموات ، وأيضاً ، فقد وصفهم الله بأنهم أحياء فرحون في الحال ، لأن نصب فرحين هو على الحال . وقوله : { لم يلحقوا بهم من خلفهم } يؤكد ذلك ، لأنهم في الآخرة قد لحقوا بهم ، ومعنى الآية النهي عن أن يظن أحد أن المقتولين في سبيل الله أموات . والخطاب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، والمراد به جميع المكلفين ، كما قال : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } وأنه ينبغي أن يعتقد أنهم { أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله } وبهذا قال الحسن ، وعمرو بن عبيد ، وواصل بن عطاء واختاره الجبائي ، والرماني ، وأكثر المفسرين . وقال بعضهم وذكره الزجاج : المعنى ولا تحسبنهم أمواتاً في دينهم بل هم أحياء في دينهم ، كما قال : { أو من كان ميتاً فاحييناه } وقال البلخي معناه : لا تحسبنهم كما يقول الكفار أنهم لا يبعثون بل يبعثون ، وهم { أحياء عند ربهم يرزقون فرحين } . وقال قوم : إن أرواحهم تسرح في الجنة وتلتذ بنعيمها ، فهم { أحياء عند ربهم } وقوله : { عند ربهم } قيل في معناه قولان : أحدهما - أنهم بحيث لا يملك لهم أحد نفعا ولا ضرا إلا ربهم وليس المراد بذلك قرب المسافة لأن ذلك من صفة الاجسام وذلك مستحيل عليه تعالى . والوجه الآخر - عند ربهم أحياء من حيث يعلمهم كذلك دون الناس - ذكره أبوعلي - . الاعراب : وقوله : { بل أحياء } رفع على أنه خبر الابتداء ، وتقديره بل هم أحياء ، ولا يجوز فيه النصب بحال ، لأنه كان يصير المعنى بل احسبنهم أحياء ، والمراد بل اعلمهم احياء . المعنى والحجة : فان قيل لم لا يجوز أن يكون المعنى بل أحياء على معنى أنهم بمنزلة الأحياء كما يقال لمن خلف خلفاً صالحاً أو ثناء جميلا : ما مات فلان بل هو حي ؟ قلنا : لا يجوز ذلك لأنه انما جاز هذا بقرينة دلت عليه من حصول العلم بأنه ميت فانصرف الكلام إلى أنه بمنزلة الحي ، وليس كذلك الآية لأن إحياء الله لهم في البرزخ جائز مقدور والحكمة تجيزه . فان قيل أليس في الناس من أنكر الحديث من حيث أن الروح عرض لا يجوز أن يتنعم ؟ قيل : هذا ليس بصحيح ، لأن الروح جسم رقيق هوائي مأخوذ من الريح . والدليل على ذلك أن الروح تخرج من البدن وترد إليه وهي الحساسة الفعالة دون البدن ، وليست من الحياة في شيء ، لأن ضد الحياة الموت وليس كذلك الروح - هذا قول الرماني سؤاله وجوابه - . وفي الآية دليل على أن الرجعة إلى دار الدنيا جائزة لاقوام مخصوصين ، لأنه تعالى أخبر أن قوماً ممن قتلوا في سبيل الله ردهم الله أحياء كما كانوا ، فأما الرجعة التي يذهب إليها أهل التناسخ ، ففاسدة ، والقول بها باطل لما بيناه في غير موضع ، وذكرنا جملة منه في شرح جمل العلم فمن أراده وقف عليه من هناك ان شاء الله . وقال أكثر المفسرين الآية مختصة بقتلى أحد . وقال أبو جعفر ( ع ) ، وكثير من المفسرين : انها تتناول قتلى بدر وأحد معاً .